الفيلم الجديد الذي يقدمه الفنانان الكبيران عادل إمام وعمر الشريف الذي يحمل اسم «حسن ومرقص» هو أبعد من أن يكون أحد عشرات الأفلام التي قام كلا الفنانين بتقديمهما طوال مسيرتهما الفنية الحافلة، إذ فيما كان عمر الشريف يركز دوما على تقديم الروائع من الأفلام التي تنافس على المستوى العالمي، كان عادل إمام ساعيا إلى رسم البسمة على شفاه جماهيره أينما عرض له فيلم أو مسرحية؛ إلا أن هذا الفيلم ولمن يشاهده من قلب هذا الوطن العربي الكبير المفتت، يجد أن جرحا في بدنه بدأ يندي قطرات من الألم لما يراه فيه.
هذا الفيلم يقدم في قالب رزمي صورة أقرب إلى الكوميديا السوداء وواقع المجتمع المصري - الذي ما هو إلا انعكاس لكل المجتمعات العربية الأخرى - إذ يمسك فيه المتعصبون الدينيون من المسلمين والمسيح عنان الجماهير، ويجرونهم لكي يتناحروا مع بعضهم، بدءا من تأزيم العلاقات الاجتماعية بين الديانتين، وانتهاء بسيرهم في مسيرات مضادة للديانة الأخرى والدخول في اشتباكات بالأيدي يذهب ضحيتها جميع هذه الجماهير التي لا تعي من أمرها سوى ما بث في آذانها من وشاية على الديانة الأخرى.
المؤلم في الفيلم هو أنه يعالج مسألة تآخي ديانتين منفصلتين، فيما المجتمعات صارت تتفتت حتى داخل الديانة الواحدة إلى مذاهب ومدارس وآراء، والكل يسعى لأن يقتل الآخر ويدوس على كبده كي يسود هو ورأيه على كل المخطئين في العالم من حوله، معتقدا أن الحق معه، وراية النور بيديه.
دراما هذا الفيلم وجهت رسالة رمزية شديدة، إذ فيما كان المسلمون والمسيح يشتبكون، رمى أحدهم زجاجة مولوتوف على بيت يسكنه المسيحي والمسلم، فخرجت امرأة المسيحي بملابس النوم ليكسو عريها المسلم بمعطفه، بينما أخرج المسيحي امرأة وابنة المسلم من المنزل الذي كان يحترق بنار الحقد والكراهية التي أشعلها رؤوس الديانتين.
رسالة مثل هذه لم تكف تطرق في نفسي ألما حينما يعالج فيلم خلاف ديانتين، بينما أصحاب الديانة الواحدة هم في ذاتهم يحتاجون لمن يوقظ فيهم الوعي أن أي نار ستشتعل في الدار، لن تدرك من أي الطوائف هم سكانه
إقرأ أيضا لـ "علي نجيب"العدد 2227 - الجمعة 10 أكتوبر 2008م الموافق 09 شوال 1429هـ