يصح لكثير من المثقفين والأدباء حين يزورون البحرين التغزل بمكانتها الثقافية والمنزلة المهمة التي تتبوأها هذه اللؤلؤة الصغيرة من مجمل هذا العالم الكبير المحيط بها، فالبحرين على رغم صغرها، أو هو ما قد يكون سرا من أسرار تميزها، فإن تربتها تنبت المبدع والمفكر والأديب، لتحتويهم ضمن مساحتها الصغيرة، وهو ما ينتج التلاقح الذي يقود للنمو والازدهار، وكأنما هي حركة دائرية مستمرة.
وكسائر مجالات الحياة، فإن الثقافة اليوم لم تعد هي ثقافة الأمس المقتصرة على الكلمة المكتوبة أو اللحن المسموع ولا حتى على العمل المسرحي المؤدى فوق الخشبة، إذ تداخلت هذه المفاهيم الثقافية مع كثير من التوجهات الحديثة المنسوبة على الفكر والثقافة، وأصبح العالم في طور تحديث رؤاه الثقافية، عبر التركيز على النوع الأكثر جاذبية، ألا وهو الثقافة المرئية من خلال الأفلام السينمائية التي تقدم في المهرجانات التي تقام في كل مكان، وتتنافس عليها حتى الدول في داخلها.
الجدير ذكره هنا هو أن العاصمة الإماراتية أبوظبي تقوم على توجه جديد في إقامة مهرجانها السينمائي الخاص، بعد أن كان لإمارة دبي السبق في تقديم مثل هذا المهرجان، إلا أن دولة مثل الإمارات، تركز بشكل كبير عبر المؤسسات المختصة على دعم النشاط الثقافي والفكري، وتنميته، فكان منهم التوجه نحو هذا النوع من المهرجانات الثقافية المهمة، والتركيز على إنجاحه بكل السبل، وهو ما تنقله التقارير المكتوبة قبل المهرجان.
وفيما نجد أن دولة واحدة تقيم مهرجانين، والمملكة العربية السعودية التي تشتهر بعدم وجود دور سينما رسمية فيها قد أقامت مهرجانها الخاص أيضا، فإن البحرين ومهرجاناتها السينمائية لا تزال أمورا مقامة باجتهادات شخصية من مسرح الريف أو مسرح الصواري، الذين أدركا أهمية هذا القطاع فسعى كلٌّ منهما لملء فراغه، فيما المؤسسات الرسمية ظلت مكتوفة اليدين عن تقديم مهرجان بحريني سينمائي رسمي، فيما مملكتنا هي الأحق من باقي الدول الخليجية بهذا الإنجاز لتفتح وتثقف شعبها، ومساحة الحرية المتميزة التي نفتخر بها عندنا
إقرأ أيضا لـ "علي نجيب"العدد 2225 - الأربعاء 08 أكتوبر 2008م الموافق 07 شوال 1429هـ