العدد 2225 - الأربعاء 08 أكتوبر 2008م الموافق 07 شوال 1429هـ

شجاعة امرأة

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

يحتدم في خلفية النزاع الإسرائيلي الفلسطيني الذي يهيمن على انتباه كل إنسان وعلى الأخبار، صراع آخر لأجل حماية الأطفال والعائلات والتعليم المسيحي في الشرق الأوسط.

هذا الصراع تشنُّه امرأة عربية إسرائيلية اسمها ناديا حلو، حاربت الأنظمة في «إسرائيل» وفي المجتمع الفلسطيني لتفعل ما اعتقد البعض أنه أمر مستحيل.

السيدة حلو، وهي من دعاة حقوق الأطفال والأسرة منذ فترة طويلة، مواطنة إسرائيلية ترشحت للكنيست الإسرائيلي حتى يتسنى لها الدِّفاع عن حقوق جميع سكان «إسرائيل»، عربا ويهودا،

بدلا من الترشّح على إحدى قوائم الأحزاب العربية الإسرائيلية، لترى رسالتها تضيع في صراع «نحن ضدهم» للحصول على الحقوق الفلسطينية، ترشّحت السيدة حلو على قائمة التيار الرئيس لحزب العمل الإسرائيلي، بهذه الطريقة تضمن وصول رسالتها إلى الجميع، بحيث يتبع التغيير.

لن تتوقف السيدة حلو، وهي المسيحية العربية الوحيدة بين 17 امرأة في الكنيست، عن الصراع من أجل الخدمات الأسرية وحقوق الأطفال حتى بعد أن توقف الجميع عن ذلك.

قامت نهاية الشهر الماضي، على سبيل المثال بعقد اجتماع خاص للجنة الكنيست التي تترأسها وهي لجنة حقوق الطفل، لبحث حقائق وراء جريمة قتل طفلين وقعت أخيرا. لم يحضر الاجتماع سوى عضوين من الكنيست، إلا أن جلسة السيدة حلو وفّرت حقائق للإعلام كان يمكن عدم سماعها لولا ذلك.

وقد شهد الخبراء أنه يتم قتل 5 أو 6 أطفال كل سنة من قبل أقاربهم في «إسرائيل». إلا أن آخرين مثل هانيتا زمرين، التي تترأس لجنة حماية الطفل الإسرائيلية (إلاي)، تقول إن هذه قمة جبل الجليد فقط. فالكثير من الحالات التي قيل إنها انتحار أو حوادث قد تكون جرائم في الواقع، بحسب قولها.

وبينما يظهر العديد من أعضاء الكنيست الآخرين وخصوصا من الأحزاب العربية في الأخبار، للتعامل مع قضايا السلام الأوسع، والنزاع والتوترات الجغرافية السياسية في الشرق الأوسط، تصر ناديا حلو على السعي إلى إبراز قضايا أخرى مهمة غطى النزاع عليها.

تعاملت مع قضايا جرت أحيانا التغطية عليها وتم تجاهلها مثل جرائم الشرف وقتل الأطفال والخدمات الاجتماعية للأسر والمساعدة على تحسين التعليم بما في ذلك للمواطنين العرب المسيحيين الذين تتناقص أعدادهم بسرعة في «إسرائيل». إلا أن ذلك قد تسبب لها ببعض الحزن.

جيل جديد من العرب

يصر بعض الناشطين على أنه يجب عليها أن تحارب من أجل الحقوق الفلسطينية بالأسلوب العربي القديم، مع المجموعات الاعتيادية المناهضة لـ «إسرائيل»، التي تعتنق الكلمات العاطفية الصارخة والأسلوب الأجوف والرفض الأعمى لكل الحلول الوسطى. وهذا أسلوب يتصف به القادة العرب ومن خلاله تعاملوا، مع جميع النزاعات تقريبا عبر السنين.

إلا أن السيدة حلو تمثّل جيلا جديدا من العرب يعملون من داخل النظام لتحقيق أمور جيدة. وهي لا تساعد المسحيين فقط وإنما تحارب بشدة للدِّفاع عن حقوق المسلمين واليهود كذلك. ولهذا السبب حصلت على دعم كاسح في انتخابها على قائمة حزب العمل الإسرائيلي في التيار الرئيس عندما ترشحت.

ولكن هذه هي شجاعة ناديا حلو. لن تسمح للاستقامة السياسية أو السياسة الحزبية أن تثني همتها عن الوقوف لتكون نصيرة الأطفال المحتاجين والأسر والنساء وغيرهم في المجتمعات الإسرائيلية والفلسطينية.

عملت السيدة حلو وراء الكواليس بجدية للاعتراف بالنظام المدرسي المسيحي في «إسرائيل»، ونجحت في جعل «إسرائيل» توافق على برنامج التعليم المسيحي في مدرسة مار إلياس في عبلين بالجليل. وتعمل المدرسة كفرع لجامعة إنديانابوليس بولاية إنديانا بالولايات المتحدة، وتعود لتفتح أبوابها مرة أخرى هذا الخريف، بفضل ناديا الحلو. وقد فتح هذا الباب للمسلمين الذين يسعون إلى الانضمام إلى برامج تعليمية كذلك.

وقد يكون من نتيجة عملها من خلال وزارة التعليم ومجلس التعليم العالي أن حصلت مار إلياس على اعتراف كجامعة كاملة السنة التالية. وهي الآن فرع رسمي من جامعة إنديانابوليس، واحدة من الجامعات القليلة التي توفر تعليما مسيحيّا ليس فقط في «إسرائيل» بل في كامل الشرق الأوسط.

هذه هي الجامعة العربية الإسرائيلية الأولى في «إسرائيل». وهذا أمر مهم، بل مهم جدا.

إلا أن هناك معارضات واسعة في «إسرائيل» وفي أوساط الفلسطينيين. أنا متأكد أن ما يثير غضبهم هو أن ناديا حلو مختلفة جدّا وأفضل من زعمائنا السياسيين الفاشلين الذين يفضلون عمل كل شيء بالأسلوب الفاشل القديم وليس بالأسلوب الجديد، الأسلوب الصحيح.

لن تُسكَت ناديا الحلو عندما يقتل الأطفال. لن تُسكت ناديا الحلو عندما تحتاج أقلية مسيحية إلى دعم تعليمي. لن تُسكَت عندما تكون هناك عائلة محتاجة، مسيحية أكانت أم مسلمة أم يهودية. ولن يتم إسكاتها من قبل المتطرفين الذين ينتقدونها لأنها فلسطينية تعمل من داخل النظام الإسرائيلي مع حزب إسرائيلي من التيار الرئيس يقوم بأكثر من مجرد التذلل للعواطف السياسية.

تهدد ناديا حلو الوضع الراهن في المجتمع العربي، وخاصة قياداته. ولهذا السبب بالذات تحتاج إلى دعمنا. ولهذا السبب أنا سعيد لأن أدعمها من خلال تنظيم حملة جمع أموال نيابة عنها ونيابة عن جامعة مار إلياس في «إسرائيل»، في أوك بارك بولاية إيلينوي يوم 8 أكتوبر/ تشرين الأول.

عمل ما هو صحيح أهم دائما وأكثر استقامة من الاستقامة السياسية الاعتيادية، بغض النظر عما إذا كانت تتعلق بفلسطين أو «إسرائيل».

* فلسطيني أميركي حائز على كتابة المقال ، يستضيف برنامجا اذاعيا وهو كوميدي مسرحي والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2225 - الأربعاء 08 أكتوبر 2008م الموافق 07 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً