العدد 2224 - الثلثاء 07 أكتوبر 2008م الموافق 06 شوال 1429هـ

ترجمة ليبيا: قصص من الحب والمصاعب

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

يصعب تحديد موضوع كتاب إيثان كورين «ترجمة ليبيا: القصة الليبية القصيرة الحديثة» أو موقعه، فهو يضم في جنباته ست عشرة قصة قصيرة قام كورين بترجمتها مؤخرا (مع باسم تولتي في حالة ثلاث قصص). إلا أن الكتاب في الوقت نفسه خليط مفرح من أحاديث السفر والدراسة العلمية وسجلّ لمواجهات شخصية.

مازالت ليبيا تبدو بعد سنوات طويلة من العزلة العالمية، غامضة بشكل عام، ويصعب فهمها من قبل من هم في الخارج. يمكن رؤية العنوان «ترجمة ليبيا» من منظورين مختلفين، أحدهما ترجمة الأدب الليبي والثاني «ترجمة» ليبيا نفسها. من خلال القصص والكلمات الشخصية التي اختطها الكاتب وتعليقاته، يلقي كورين الكثير من الضوء على نواحٍ مختلفة لليبيا، ماض وحاضر.

كان كورين عضوا في فريق صغير من الدبلوماسيين الأميركيين ذهب إلى ليبيا بعد تجديد العلاقات الليبية الأميركية في يوليو/ تموز 2004، وبقي هناك كملحق تجاري اقتصادي حتى العام 2006.عندما سأل كورين مساعده في طرابلس، باسم تولتي الذي درس في الولايات المتحدة، ما إذا كان على استعداد لترشيح أي مؤلفين محليين جيدين، قدم تولتي كتابا ورقي الغلاف عنوانه «الجراد» لأحمد فقيه. أحب كورين القصة كثيرا وقام بترجمتها إلى الإنجليزية. وهكذا ولدت الفكرة بالتعاون مع تولتي في مشروع لترجمة عدد من القصص.تتناثر عبر القصص حكايات مشرقة مفعمة بالحيوية، مسلية أحيانا، كتبها كورين عن مغامراته إلى أماكن بعيدة نائية، أو محاولاته البحث عن كتّاب معينين وقصص محددة. قام بتمشيط مصادر متعددة بحثا عن قصص، كالمكتبات والصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية والاتصالات الشخصية.

كيف تعامل الليبيون مع كورين كونه دبلوماسيا أميركيا؟ قال كورين إنه كان لديه دائما الشعور أن معظم الليبيين كانوا إيجابيين جدا تجاه الأميركيين، رغم التوترات الماضية الواضحة في العلاقة.

ويعتقد كورين أن السبب في ذلك يعود إلى أن «الليبيين الكبار سنا لديهم إجمالا ذكريات جميلة عن التعامل مع الأميركيين منذ ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، بينما أبعدت عزلة ليبيا العالمية أفراد الجيل الجديد (إلى حدٍّ ما) عن القضايا الساخنة التي تستحوذ اهتمام بقية المنطقة. لم تعد هذه هي الحالة، والتوقعات مرتفعة فيما يتعلق بما سينتج عنه التقارب».

كُتِبَت القصص الست عشرة بترجمة واضحة تنساب بسهولة. يتراوح مؤلفو القصص بين وهبة البوري، الذي ولد العام 1916 ويعتبر إلى حد واسع الكاتب الليبي الأصيل للقصة القصيرة، ومؤلفين أصغر سنا منهم عبدالله علي غزال ومريم أحمد سلامة ونجوى بن شطوان.

ويشير كورين إلى أن نسبة مرتفعة من الكتاب الليبيين الشباب اليوم من النساء في أواخر العشرينات من أعمارهن وبداية الثلاثينيات، بينما كان الكتّاب في العقدين الماضيين من الذكور بشكل كاسح. تكتب بعض النساء بأسماء مستعارة لرجال، إذ إنهن لا يشعرن أن الكتابة مجال مقبول اجتماعيا بعد بالنسبة إلى المرأة.

تحتوي القصص على أساطير لا زمنية مثل قصص صادق نيحوم «بائع الملح الطيب» و «أسطول السلطان».

البعض الآخر نقد اجتماعي لاذع مثل «عدد خاص» لعلي مصطفى مصراتي، الذي يتهكم بالصحافة العربية، بينما تحكي رواية لمياء المكّي «قصة طرابلس» التي لم تنشر من قبل، والتي تقع أحداثها في مجتمع اليوم الاستهلاكي، قصة زوجة مادية شديدة البشاعة.

تقع أحداث قصتين شاعريتين بشكل مرعب على الساحل الليبي الشرقي. في قصة نجوى بن شطوان، «الحبيب التلقائي» تكتب امرأة شابة تقضي إجازة مع عائلتها في قرية بوهاريشما رسالة إلى حبيبها لتضعها في زجاجة وتلقيها في البحر الأبيض المتوسط. تقع أحداث قصة «البكماء» لعبدالله علي غزال في مكان جبلي مخضوضر تستسلم فيها فتاة بكماء لنداء عالم الطبيعة.

لا تجابه القصص بشكل مباشر الواقع السياسي لأربعة عقود من حكم القذافي. يلاحظ كورين أنه في «سنوات الثورة» الممتدة من 1969 إلى 1986، تم التخلي عن الأسلوب الواقعي لستينيات القرن الماضي. هرب عدد قليل من الكتّاب الملتزمين لتلك الفترة، من ذوي الموارد المالية، إلى خارج البلاد. أما الذين بقوا فقد مارسوا هوايتهم بحذر وحب داخل خصوصيات حياتهم إلى حدٍّ ما». تعامل الكتّاب مع الرقابة من خلال الرمزية أو «التجنب الصارخ». بعض أعمال تلك الحقبة بدأ يرى النور هذه الأيام فقط، بعد عشرين سنة.

يكتب كورين: «هناك مؤشرات على أنه مع الانفتاح الاقتصادي والثقافي الأخير، يمارس المزيد من الناس هواية القراءة، وقراءة القصص القصيرة بشكل خاص». مع رفع قيود محددة على حرية التعبير مؤخرا، ووجود قانون جديد للصحافة، «سيكون من المثير رؤية من سيكون من بين الجيل الجديد من الكتاب الليبيين، ومن أين سيحصلون على إلهامهم».

وهو يأمل أن يكون التوجه نحو المزيد من الانفتاح والإبداع. تأتي معظم معلوماتي الآن عن ليبيا إما من خلال الأصدقاء الليبيين مباشرة أو عبر الإنترنت.

قدم أفراد مثل ليلى نيحوم (ابنة عم صادق نيحوم) خدمة هائلة للفن الليبي من خلال نشر مدونات تصف ما يحدث على صعيد الفن والأدب الليبيين. يذكر كورين في كتابه أثر الإنترنت على تشجيع الكتّاب على اتخاذ بعض المخاطرات والقيام بالنشر بأنفسهم. «من الواضح أن لذلك أثرا في التشارك بالفنون الليبية مع العالم».

ويضيف كورين «آمل أن أعود للإقامة في المنطقة قريبا. مازلت بالتأكيد على صلة بالأصدقاء الليبيين، وقد ساعد هذا المشروع بشكل هائل على ذلك. آمل أن أتمكن من العودة إلى ليبيا».

صحافية مستقلة/ حاليا في إجازة من وزارة الخارجية ويعمل كزميل كبير ببرنامج الشرق الأوسط بمركز الدراسات الاستراتيجية والعالمية بواشنطن العاصمة. والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2224 - الثلثاء 07 أكتوبر 2008م الموافق 06 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً