العدد 2220 - الجمعة 03 أكتوبر 2008م الموافق 02 شوال 1429هـ

علاقة عربية - روسية من نمط جديد(1/3)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لم يخف رجل السياسة والأعمال الروسي رئيس هيئة السكك الحديدية الروسية فلاديمير ياكونين خلافه مع الخبير الاقتصادي الأميركي لندون لاروش بشأن المدخل لإنقاذ الاقتصاد الأميركي، ومن خلفه الاقتصاد العالمي من أزمته، مشيرا إلى أن الدور الروسي ينبغي أن يتوجه نحو إنقاذ الاقتصاد وليس إنقاذ حسابات أصحاب المال لدى البنوك، كما تحاول خطة الرئيس الأميركي جورج بوش، منبها إلى أنه يرى ضرورة أن تمد السلطة النقدية الروسية يد العون إلى مؤسسات وشركات منتجة قادرة على إسناد الاقتصاد الوطني، مسترجعا في الوقت ذاته ما أعلنه الرئيس الروسي ميدفيديف من أنه يمكن أن تستضيف روسيا مركزا ماليا دوليا يستخدم عملة الروبل الروسية كوحدة حسابية للمدفوعات النقدية، وهو اقتراح مطروح على بساط المناقشة مع كبار مديري الأموال العرب.

في الوقت ذاته تجاهلت موسكو تحذيرات الخارجية الأميركية من تحليق القاذفات الروسية في النصف الغربي للكرة الأرضية، إثر كشف السلطات الروسية عن قيام سلاح «طيران المدى البعيد» بتنفيذ» أكبر» مناورة على الإطلاق منذ تفكك الاتحاد السوفيتي، بمشاركة عدد من القاذفات الإستراتيجية. ولم يكشف النقاب عن تلك المناورة إلا بعد أن أدلت وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، بتصريحات انتقدت خلالها قيام اثنتين من القاذفات الإستراتيجية الروسية بتدريبات في فنزويلا.

قد يبدو في الربط مابين التصريح والمناورة شيء من «الافتعال» لكننا إذا أضفنا لهما أزمة روسيا مع الولايات المتحدة، بشأن حوادث جورجيا الأخيرة، سنكتشف أن موسكو بدأت تتململ كي تنهض من كبوتها السياسية والاقتصادية التي أصابتها بما يشبه الشلل منذ انهيار الإتحاد السوفيات في نهاية القرن الماضي. وفي نهوضها هذا تفتش موسكو عن حلفاء جدد يملكون مقومات بناء علاقات اقتصادية وسياسية متينة، ومن نمط جديد، تساعدها على تطوير أوضاعها الداخلية، وعلى وجه الخصوص الاقتصادية منها، وتتحالف معها في خوض معاركها التنافسية الخارجية عند الحاجة لذلك.

وكما يبدو، كان العرب، بما يملكون من سيولة مالية، وثروات نفطية، وموقع إستراتيجي عالمي، على رأس قائمة الحلفاء المفضلين التي أعدتها موسكو، في حال رغبتهم ممارسة هذا الدور، أو بالأحرى الاستفادة من الفرصة المتاحة.

ومن الطبيعي أن تكون أول خطوة على هذا الطريق هي تشخيص أوجه التكامل وتحديد مواقع التنافس بين أي كتلتين تطمحان إلى نسج علاقات إيجابية تقود إلى تعزيز مسيرة بناء سياست إستراتيجية في عالم يموج بالصراعات الدولية. وطالما كان الاقتصاد هو موجه السياسة وبوصلة أمانها، فمن الأهمية بمكان البدء بإلقاء نظرة على السمات الرئيسية لاقتصديات الكتلتين: الروسية والعربية.

على المستوى الروسي، وطالما نحن في أجواء الأزمة الاقتصادية العالمية الطاحنة التي ولدتها أمراض السوق الأمريكية، يبدو أن موسكو من أقل الأسواق إصابة بالفيروس الأميركي. هذا ما أكده رئيس بنك التوفير الروسي («سبير بنك») وزير التنمية الاقتصادية والتجارة الروسي السابق غيرمان غريف، في مطلع العام 2008، وعندما لاحت في الأفق سحب نذر تدهور الاقتصاد الأميركي، حين أشار إلى حصانة الاقتصاد الروسي القادر على الصمود أمام أية «أزمة مالية عالمية عميقة»، دون أن ينفي احتمالات تباطوء وثائر نموه، منوها إلى قدرة روسيا، حتى في حال هبوب رياح أزمة إقتصادية عالمية «أن تبقى بلدا جذابا للمستثمرين يواصل المستثمرون الأجانب توظيف الأموال فيها».

هذا ما أكده أيضا، بعد مضي تسعة أشهر على تصريحات غريف، رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين في مطلع شهر سبتمبر/أيلول 2008 في مقابلة خاصة له مع صحيفة لوفيغارو الفرنسية، أبان أزمة جورجيا، مشيرا إلى أن «اقتصاد بلاده يزدهر بسرعة كبيرة، ونفى تراجع استثمارات الدول الغربية في روسيا بسبب الصراع مع جورجيا، وأشار إلى أنه وعد خلال عام 2003 بمضاعفة إنجاز الاقتصاد، مشددا على أن هذا الوعد سيتحقق نهاية العام المقبل أو أوائل عام 2010».

وتوقع بوتين، في تلك المقابلة أن يبلغ حجم الاستثمارات خلال العام 2008، ما يربو على 45 مليار دولار مقابل 81 مليار دولار خلال العام الماضي، الأمر الذي يجعل روسيا مكتفية ذاتيا على صعيد الاستثمارات، ويترافق ذلك، وفقا لأقوال بوتين مع وفرة من حجم الاحتياطي النقدي من العملات يضع روسيا في المرتبة الثالثة، بين دول العالم بعد الصين واليابان، حيث يبلغ إجمالي الاحتياطي النقدي الروسي 500 مليار دولار.

والواضح هنا أن روسيا سائرة في طريق جذب الاستثمارات الأجنبية، ففي أكتوبر/ تشرين الأول 2207 أكد النائب الأول لرئيس الوزراء الروسي سيرغي إيفانوف أمام حشد من الصحافيين إلى أن بلاده «ترحب بالطبع بتدفق الاستثمارات الأجنبية على الاقتصاد الروسي».

وتوجت كل تلك التصريحات الداعية إلى جذب الاستثمارات الأجنبية للاستفادة من الصحة الجيدة التي يتمتع بها الاقتصاد الروسي ما قاله الرئيس الروسي ديميتري مدفيديف من «أن روسيا ستبقى موضع جذب للمستثمرين وان بناء ستار حديدي جديد لم يعد واردا»، مضيفا بأن «روسيا ستبقى على الدوام بخصوصياتها الجغرافية ودورها في التطور العالمي للعمل وقدراتها الفكرية دولة كبرى بالنسبة إلى الاستثمار»

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2220 - الجمعة 03 أكتوبر 2008م الموافق 02 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً