العدد 2218 - الأربعاء 01 أكتوبر 2008م الموافق 30 رمضان 1429هـ

كرة ثلج أزمة الأسواق الأميركية

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بأغلبية 228 نائبا مقابل موافقة 205 نوّاب، رفض مجلس النوّاب الأميركي الوسائل التي يطلبها وزير الخزانة الأمريكي هنري بولسون لاستقرار النظام المالي الأميركي. من بين هؤلاء الرافضين لخطة إنقاذ المصارف البالغة قيمتها 700 مليار دولار التي قدّمها الرئيس الأميركي جورج بوش لإنقاذ الاقتصاد الأميركي، كان هناك نحو ثلثي الجمهوريين.

وسوف يصوّت اليوم(أمس) الأربعاء أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي على تلك الخطة، التي ترى إدارة الرئيس جورج بوش أنها ضرورية لتجنب كساد اقتصادي شديد وحصول كارثة مالية.

ورغم فشله في أخذ موافقة مجلس النوّاب، لم يتوان بوش عن حث أعضاء الكونغرس على إعادة النظر في خطة الإنقاذ المالي، متوقعا حصول كارثة مالية إذا لم يحدث تقدم على طريق إقرارها، محذرا أنّ من شأن أيّ رفض لها «أنْ يوجه ضربة موجعة ودائمة لأكبر اقتصاد في العالم». ويحاول بوش، في حال موافقة الكونغرس، إلى إتاحة المجال أمام الحكومة الأميركية كي تستخدم الأموال العامّة لشراء مبالغ كبيرة من القروض العقارية المشكوك في تحصيلها من البنوك والمؤسسات المالية المختلفة.

من هنا فإنه في حال نجاح بوش في نيل موافقة الكونغرس، فهذا من شأنه توظيف مشروع القانون حول خطة الانقاذ، إلى فتح مشاركة الدولة الأميركية في تسيير الاقتصاد، مما يشكل، كما يراه بعض المحللين، «منعطفا تاريخيا، في نسبة مساهمة الدولة في الاقتصاد، يبقى حجمه مرهونا بمدى تطبيق خطة وزارة الخزانة».

وما إنْ أعلن النوّاب رفضهم، حتى استحوذت على المضاربين في أسواق المال الأميركية هستيريا أدت إلى فقدانها الكثير من نقاطها التي كانت قد بدات في تجميعها أملا في نيل موافة الكونغرس على خطة بوش. فسجل مؤشر داو جونز الصناعي للأسهم الأميركية الممتازة أكبر انخفاض بالنقاط في تاريخه بهبوط بلغ 6.98في المئة في حين هوى مؤشر ناسداك الذي تغلب عليه أسهم شركات التكنولوجيا بنسبة 9.14في المئة وهي أكبر خسارة يومية له منذ انفجار فقاعة شركات الإنترنت في العام 2000 . ترافق ذلك مع بوادر انهيار في بورصة وول ستريت.

وكما كان متوقعا فقد سرت موجة إنعدام الثقة، ومعها الانهيارات إلى الأسواق الإقليمية الأخرى، فهوت أسهم أميركا اللاتينية بنسبة 13في المئة وهو أكبر انخفاض لها في أكثر من عقد.

وانعكاسا لاستفحال أزمة الائتمان العالمية سجلت الأسهم الأوروبية تراجعات حادة أمس، فأغلق مؤشر يوروفرست 300 الرئيسي الأوروبي منخفضا 4.95في المئة ، وهو أدنى مستوى منذ يناير/ كانون الثاني 2008.

هذا الأمر دفع أوروبا، على لسان المفوضية الأوروبية إلى دعوة واشنطن إلى تحمل مسئوليتها في مواجهة الأزمة المالية العالمية، معبرة على لسان المتحدّث باسم المفوضية يوهان لايتنبرغر، عن «خيبة أمل الاتحاد الأوروبي» بما يجري في واشنطن. موضحا أنّ «خطة الإنقاذ لا ترتبط بمصير مؤسسات الولايات المتحدة فحسب بل أيضا بمصير باقي العالم».

وكإجراء إحتياطي ستجتمع الرئاسة الفرنسية بقيادة الرئيس ساركوزي مع المصارف الرئيسية وشركات التأمين الفرنسية «للاطلاع على اوضاعها في ذروة الازمة المالية الدولية، من أجل مراجعة وضع المؤسسات المالية وتوزيع التسليفات على الأسر والشركات».

ولم تسلم أسواق المال الآسيوية من تعثر بورصة وول ستريت الأميركية، ففي طوكيو تراجعت الأسهم بنسبة 0.78 في المئة . وفي شنغهاي تراجعت الاسهم بنسبة2.62في المئة .

وسرت تلك الموجة لتشمل أسواق آسيوية أخرى مثل تايبيه و سيئول، وبانكوك، بل وحتى مانيلا.

الأمر متوقعا فيما يتعلق بتراجع الأسواق المالية، لكن الجديد في الموضوع هو إنتقال الأزمة إلى أسواق وحركة الشحن الجوي. فقد أفادت أرقام حديثة إنكماش حركة الشحن الجوي العالمية شهر خلال أغسطس / آب 2008، وفقا لأرقام الاتحاد الدولي للنقل الجوي (آياتا) بنسبة 2.7 في المئة ، وهو معدل تعتبره ألأياتا مخيب للآمال، ذلك لكون حركة الشحن الجوي العالمية مقياسا رئيسيا لسلامة التجارة العالمي، إذ تحمل شركات الطيران، كما يقول المدير العام لـ (آياتا) جوفاني بسينياني «35 في المئة من قيمة التجارة العالمية في السلع». العالمية.» وربط بسينياني بين الأزمة الأميركية والانتكاسة التي بدأت بوادرها على صناعة الشحن الجوي بالقول «يوضح ذلك اتساع التأثير الجغرافي للازمة المالية وأنّ الوضع سيسوء قبل أنْ يشهد تحسنا.»

الخوف الذي يسيطر على صناع القرار في أوروبا وآسيا اليوم هو أن تكون «أعراض الشحن الجوي» هي أول غيث انتشار الأزمة الأمريكية، التي يخشون أكثر ما يخشون، أن تتحوّل إلى ما يشبه كرة الثلج المتدحرجة التي تكتسب إزدياد سرعتها وتنامي حجمها ليس، بفضل قوانين الجاذبية الطبيعية فحسب، وإنّما من إنعدام أية حواجز تستخدم لإيقافها.

واليوم، ومع إنكشاف إحتياطيات أكبر إقتصاد عالمي، والذي هو الإقتصاد الأمريكي، وفي ظل عجزه عن توفير أشكال الحماية التي يحتاج إليها، وفي ظروف تأثر الأسواق العالمية الأخرى بتلك الحالة الأميركية، تتحول أومة الاقتصاد الأميركي إلى كرة ثلج تتدحرج بسرعة فائقة يصعب التكهن باتجاهاتها وحجم الدمار الذي ستلحقه بالاقتصاد العالمي.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2218 - الأربعاء 01 أكتوبر 2008م الموافق 30 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً