العدد 2212 - الخميس 25 سبتمبر 2008م الموافق 24 رمضان 1429هـ

طاقم وزاري بدلا من تغيير الوزراء

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

صار في حكم الأكيد إقدام البحرين على تغيير وزاري، وعندما نكون على أهبة التغيير، تكثر التكهنات بشأن من الذي سيغادر ومن هم القادمون. وفي خضم تلك النقاشات المحتدمة، التي يسوق كل من يشارك فيها الأدلة التي تؤكد صحة ما يذهب إليه من ضرورة «ذهاب الوزير الفلاني»، لكنها غالبا ما تنتهي عند محطة «الإطاحة»، من دون أن تنتقل إلى المحطة الأكثر أهمية والتي هي تحديد أسماء القادمين من الوزراء الجدد. وفي هذا بعض المنطق، فليست هناك، حتى اليوم آلية وقنوات تشرك المواطن في تحديد معالم الوزارة، دع عنك رموزها.

السؤال الذي يغيب، أو يُغيب، في تلك النقاشات، هو: لماذا التغيير؟ وما هي معاييره؟

وقبل الدخول في محاولة إلقاء بعض الضوء على ما ينبغي أن تكتنفه الإجابة لابد من الإشارة إلى نقطة في غاية الأهمية، هي أننا كثيرا ما نلمس سيطرة «المعيار الأخلاقي، وعلى وجه الخصوص النزاهة والأمانة» على معايير الدعوة إلى «تنحية» وزير سابق أو الترويج «لتعيين» الوزير القادم.

هذا المعيار، على أهميته، يفقد كل ثقله، عندما تتحول «الأمانة»، و «حسن السلوك» إلى أهداف في حد ذاتها، وعندما تصبح سياسة دفاعية لحماية «الذات الوزيرية» وصيانتها، تتهمش أمامها كل قضايا الوزارة المعنية الاستراتيجية الأخرى.

بعد أن أشرنا عبورا، إلى الجانب الأخلاقي ننتقل إلى لب الموضوع والذي يمكن حصر جوانبه الأساسية في النقاط الآتية: إن قرار التغيير الوزاري لا ينبغي أن يكون عشوائيا، بقدر ما يأتي لتلبية حاجة ملموسة ولدتها ظروف المرحلة التي يمر بها البلد المعني، هذه الظروف التي فرضت نفسها، من الطبيعي أن تتطلب كفاءات جديدة ليست متوافرة في الوزارة القائمة التي فرضت ولادتها ظروفا مختلفة مغايرة لتلك المستجدة، وبالتالي فقد كان من الطبيعي أن تكون مواصفات، ومهارات رجالاتها مختلفة عن/ وربما متعارضة مع/ تلك التي تحتاجها الوزارة الجديدة.

إن من الخطأ، بمكان، إجراء التغيير الوزاري من أجل التغيير بحد ذاته، أو لامتصاص نقمة شعبية فجرتها حادثة معينة. حينها تتحول ردة الفعل الآنية، وخصوصا حينما تتكرر، إلى منهج ترقيعي، يفقد قدرته على إحداث أي تغيير استراتيجي تتطلبه ظروف المرحلة أو تقتضيه مقاييس النجاح. «التغيير من أجل التغيير»، مسكِّن دوره محدود زمنيا. من هنا لابد أن يأتي الوزراء الجدد حاملين معهم خططهم الجديدة التي تطمح لتحقيق أهداف محددة واضحة لمن سيشارك في الوزارة الجديدة، ومقتنع بها ويحمل مؤهلات حمايتها والدفاع عنها، وتقليص المثالب التي قد تنال منها، ويزيل العقبات التي قد تعرض طريقها. كما أن من الخطأ أيضا، اللجوء إلى لعبة «الكراسي الموسيقية» التي تجعل كل وزير يغير، في كل عدد معين من الدورات، كرسي وزارته. وعندما تتوقف الموسيقى عن العزف، يواصل المشاركة في اللعبة، التي يخرج منها من لم ينجح، أو يسعفه الحظ في احتلال أحد الكراسي المتاحة. إن التغيير الوزاري ينبغي أن يأتي من أجل تحقيق هدف. هذا الهدف، أو الأهداف، تحدده عوامل كثيرة بعضها داخلي، مثل طبيعة الاقتصاد الوطني ومنتجاته وآليات تطويرها، والكثير منها خارجي، مثل سياسات الدول المجاورة، أو الأوضاع الدولية ذات العلاقة بالدولة المعنية.

ولكي ننتقل من المجردات إلى الوقائع لابد من الاعتراف بحاجة البحرين إلى تغيير وزاري، يراعى عند تشكيل طاقمه، تلك الإشارات السريعة التي أوردناها، مع قضايا أخرى، لابد أن تكون قد غابت عن بالنا. والسبب الذي يدعونا إلى القول بضرورة التغيير الوزاري ليست حالات التذمر، على رغم أهميتها، التي سادت البلاد خلال الأشهر القليلة الماضية، والتي كان معظمها من جراء عوامل خارجية، لا تتحمل أعباءها وزارة واحدة لحالها، بقدر ما هي حاجة البحرين إلى وضع وتنفيذ استراتيجية وزارية مستقبلية، تنطلق من رؤية ديناميكية واضحة تستند إلى دراسات ميدانية علمية مستقاة من معلومات تم جمعها بمقاييس متناهية في الشفافية وفي الأمانة العلمية.

ومن اهم الأسباب التي تدعو إلى تغيير وزاري جذري، هي الحالة الاقتصادية التي تمر بها البحرين، التي أصبحت، على رغم التغييرات الوزارية التي عرفتها على امتداد السنوات العشر الماضية، غير واضحة المعالم.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2212 - الخميس 25 سبتمبر 2008م الموافق 24 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً