العدد 2211 - الأربعاء 24 سبتمبر 2008م الموافق 23 رمضان 1429هـ

يوميات أحد النوّاب

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

أحد النوّاب في إحدى الكتل أفشى لي مجموعة من الملاحظات التي من المهم جدا إطلاع الرأي العام عليها والوقوف عليها لأهميتها من جهة وتحليلها من جهة أخرى، خصوصا أنّ التجربة النيابية بالفعل تستحق منّا التأمل فيها وتقييمها بعيدا عن الضجيج الصحافي والإعلامي فهذه المرة الطرح يكون مختلفا؛ لكون الشخصية تختفي عن الأنظار، ويكون التركيز على المواقف والرؤى من داخل صندوق المجلس لا من خارجه، كما أعتدنا أنْ نحلل وأحيانا نهاجم المجلس، نكون مُخطئين أحيانا أو مبالغين في بعض الأحيان ولكن هذا المقال يعبّر عن رؤى ووجهات نظر الممارسين للتجربة والمتورّطين بالتجربة الوليدة.

من بين أهم التأملات التي أفاد بها النائب والتي تستحق الوقوف عندها فيما يتعلّق بالإيثارات الطائفية التي كانت تثار بين الفينة والأخرى في المجلس حتى صار المجلس ينعت بالطائفية البغيضة بدلا من أنْ يكون مكانا مناسبا؛ لمحاربة الطائفية وآفاتها النتنة، التي تضرّ بمصلحة الوطن كلّ الوطن وبمصلحة المواطن مهما يكن انتماؤه.

وفيما يلي ما قاله «لقد نصحتُ كثيرا من أعضاء هذا المجلس ممن أتوسّم فيهم سعة الأفق، ومن بينهم رئيس المجلس خليفة الظهراني، بالتصدّي لهذا المستنقع العفن (الطائفية)، وحذرتهم من مغبّة التمادي في التشكيل الطائفي، ومجاراة الداعمين للطائفية» والعجيب أنك تسمع من النوّاب ما يعجبك، وتغتر بكلامهم الجميل، لكنهم أضعف من اتخاذ القرار بالخروج من هذا المأزق الذي وضعوا فيه.

طبعا الوضع طبيعي فالدبلوماسية والسياسة سيّدة الموقف في الكثير من المواقف وبالتالي تغيب الحقيقة ويغيب حينها الدور الوطني المرتقب الذي يجب أنْ يسيطر على المواقف ويحتويها لا الربت عليها باستخدام البروتوكولات والمجاملات التي لا تسمن ولا تغني من جوع. هنا أتذكر ما قاله رئيس كتلة الوفاق الشيخ علي سلمان في غبقة الوفاق مؤخرا فيما يتعلّق بالمجاملات التي لمسها خلال تجربته النيابية والتي كان لها دور سلبي كبير في تحقيق المزيد من الإنجازات والمكاسب للمجلس ولإنجاح التجربة البرلمانية: «المجاملة، اللقاءات، العمل الروتيني، كلّ هذه الأمور مطلوب أنْ نتعامل معها ولكن اعتقد سيسألنا أبناؤنا وسيحاكموننا وإنْ كانت الكلمة كبيرة على التاريخ سنسأل بعد سنوات إذا فرطنا في أنْ نعمل كقوّة وكجبهة واحدة وكراغبين في الإصلاح وفي التقدم بجدية من أجل أنْ نرتقي بوطننا إلى الأمام» ما قاله سلمان في كلمته السريعة بحضور أغلب نوّاب الكتل في جلسة خفيفة كان الغرض منها ترسيخ وتوثيق العلاقات العامّة، يرسم خطوطا مهمّة في الاستراتيجية الوطنية لتحرك المجلس النيابي، ولكن أظن أن النوّاب قد تناولوا الوجبة الخفيفة، ونسوا حينها ما أشار إليه سلمان من كلام مفيد، فهم على كل حال على وشك الالتقاء تحت قبّة البرلمان، ودور الانعقاد الثالث يخفي ما يخفيه من مفاجآت، بعيدا عن المزايدات الصحافية والتصريحات التي بدأت تغص بها الصحف المحلية، من وجود تنسيق وتحالفات محدودة بين الكتل النيابية، وبعد أيام سنجد بأعيننا الملاحظة والفاحصة بأن الكلام في جهة، والواقع في جهة أخرى بعيدة كلّ البعد عن الشعارات التي ينادي بها البعض وبعيدا عن الخيالات التي تطلق العنان لإيجاد صيغ من التوافق والانسجام غي الحقيقي.

نرجع من جديد إلى مذكرات ويوميات النائب الذي صرح بأحد الأدوار، من دون أنْ يسلّط الضوء على اسمه حتى لا يكون ذلك دعاية انتخابية مبكّرة له هذه المرة، تحدث عن الدور الخدمي الذي تميز به دور النائب وما له وما عليه، «من وجهة نظري، فإن ما أريد به من إشاعة ثقافة الدور الخدمي للنائب، يستهدف أمرين، الأوّل، إبراز عجز النوّاب عن تلبية مطالب ناخبيهم الخدمية، وأنّ من يستطيع ذلك هو غيرهم من المتنفذين في أجهزة الدولة، وبالتالي، فإنه لا خير يرتجى منهم في هذا المجال، والثاني، إشغال النوّاب بهذا الدور وإبعادهم عن المجال الرئيسي الذي يجب التصدي له المتمثل في الرقابة والتشريع. وهكذا يجب أنْ ينشغل المجلس ونوّابه في المقترحات برغبة التي لا تلبى، وفي استجداء الوزراء في توظيف فلان، وترقية علان، وحل مشكلة وهدان، ومسامحة سمعان».

الملاحظة التي أدلى بها كانت واقعية بدليل الدور الخدمي الطاغي على الأدوار الرقابية والتشريعية للنواب حتى تغير أسماء النواب إلى نواب خدمات، وحتى بدأ يغيب دور البلديين من جراء المنافسة غير المسبوقة من قبل النواب، كما شهدنا تحركات النواب المهرولة في المجالس الرمضانية فقد كانت مثال صارخ لتملّق بعض النوّاب وبعض البلديين، وحرصهم الكبير على التواجد في المجالس الرمضانية للوزراء بهدف تحقيق المكاسب، وعقد الصفقات الخدماتية على سياق «شيلني وأشيلك».

وكلما تحقق إنجاز خدمي قلّ حماس النوّاب إلى تفعيل الدور الرقابي والتشريعي، في حين أن البعض نجده عاجزا عن أداء جميع الأدوار (الخدمي، الرقابي، التشريعي) لتركيبة المجلس من جهة وآلياته من جهة أخرى.

وأخيرا شكرا للنائب على ما تفضل به، ونرجو من الجميع أن يكونوا أيضا صريحين مع أنفسهم, أن يكونوا أمينين في مواقفهم، فليس الهدف تحقيق المكاسب الإعلامية.

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 2211 - الأربعاء 24 سبتمبر 2008م الموافق 23 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً