العدد 2202 - الإثنين 15 سبتمبر 2008م الموافق 14 رمضان 1429هـ

أسعار الوقود شماعة إفلاس شركات الطيران

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قرار غير مفاجئ أعلنته شركة «آكس آل لايزر غروب» التي تشغل خطوط «آكسل» للطيران، والتي تنظم رحلات سياحية لخارج بريطانيا، بإفلاسها لتصبح ثاني شركة بريطانية في هذه الصناعة تشهر إفلاسها هذا الأسبوع، وفق وكالة رقابة شركات الطيران. وقبل أسبوعين، أوقفت شركة «زوم» لخطوط الطيران الاقتصادية التي تتخذ من كندا مقرا لها وتوفر خدمات لبريطانيا، عملياتها. وكانت خطوط «سيلفرجت» الموجهة لقطاع الأعمال التي تتخذ من شمال لندن مقرا لأعمالها أوقفت عملياتها في يونيو/ حزيران الماضي.

وفي الوقت ذاته، حذر تقرير عن كبرى شركات الطيران في الولايات المتحدة، الصادرعن «فليتش ريترينغ»، من احتمالات شبه مؤكدة بشأن إفلاسات متعددة وتصفيات بين أضخم شركات الطيران الأميركية. وأشار معد التقرير ويليام وورليك إلى أن «قرار خفض الرحلات الذي اتخذته شركات الطيران الأميركية كافة على مدى الأشهر الماضية، لم يعد كافيا».

وعلى نحو موازٍ، وقبل ذلك بفترة قصيرة، أعلنت شركة الطيران الإيطالية (أليطاليا) عن عزمها البدء في «محادثات طارئة في روما اليوم لمنع انهيار خطوط أليطاليا بعدما حذرت الشركة من أنها قد تضطر لالغاء رحلات بدءا من فترة قريبة».

وغالبا ما ترجع الشركات المفلسة، والتقارير الصادرة عن مؤسسات بحثية تتابع تطورات صناعة الطيران، الأسباب الرئيسية الكامنة وراء هذه الأزمة إلى «الارتفاع في أسعار الوقود»، وأحيانا تلحق ذلك، وعلى شيء من الاستحياء، بإشارات باهتة إلى الركود الاقتصادي الذي يجتاح أسواقها، كما هو الحال مع تقرير «فليتش ريترينغ»، الذي ربط بين تلك الإفلاسات و «الارتفاع القياسي في أسعار الوقود وانكماش العائدات النقدية».

لا أحد يستطيع أن ينفي دور الارتفاع في أسعار الوقود في إحداث الأزمات التي عصفت، أو هي الآن متربصة، ببعض القطاعات الاقتصادية، ومن بينها صناعة الطيران، أو بالأحرى قطاع السياحة والسفر، لكونهما من أكثر الصناعات استخداما للنفط ومشتقاته.

لكننا حتى في حال أخذنا بهذه المقولة، وقبلنا بها وبمترتباتها، فلابد حينها من أن نراعي مسألتين: الأولى، وهي الأهم، لا ينبغي أن تلقى المسئولية، بأي شكل من الأشكال، كاملة على عاتق الدول المنتجة للنفط، كما يجري حاليا، فأسعار النفط، أو بالأحرى مشتقات النفط، مثل وقود الطائرات، تتدخل في تحديدها مجموعة من المؤسسات والشركات، بما فيها مؤسسات حكومية رسمية، بحيث تتحول، من جرائها، حصة مساهمة الدول المنتجة في رفع الأسعار أدنى بكثير مما تصوره أجهزة الإعلام الغربية. المسألة الثانية، هي أن بعض الإفلاسات التي تعرضت لها شركات مثل شركات الطيران مصدرها أزمات اقتصادية في البلد المعني، وجاء الارتفاع في أسعار النفط بما يشبه القشة التي قصفت ظهر البعير. ولربما تشكل الحالة البريطانية الراهنة، وقد سبقتها إلى ذلك السوق الأميركية التي عبر إشهار إفلاس المؤسسات فيها بشكل صادق عن الأزمة الحادة التي تعيشها تلك السوق، مثالا ساطعا على ما نذهب إليه في تحميل مسئوليات الأزمة على العامل الاقتصادي الأشمل، بدلا من تقزيمها وحصرها في نطاق «أسعار النفط» على رغم عدم نكران دور هذه الأخيرة.

ففي العاصمة البريطانية (لندن)، وبينما كانت وكالات الأنباء تتناقل خبر إفلاس شركات الطيران، حذرت إحصائية بريطانية من أن معدلات النمو الاقتصادي في بريطانيا خلال الربع الثاني من العام 2008 كانت معدومة تقريبا، وذلك للمرة الأولى منذ نحو 16 عاما.

وكان محافظ المصرف المركزي، ميرفين كينغ، حذر في وقت سابق من شهر أغسطس/ آب 2008 من أن «نسبة النمو قد تكون معدومة في الاقتصاد البريطاني خلال العام المقبل، وتوقع حدوث ارتفاع ملحوظ في معدلات التضخم ببريطانيا فوق المعدلات التي تدافع عنها وزارة الخزانة البريطانية وهي 2 في المئة».

من هنا، وعندما تفلس شركات طيران عالمية، أو لا تملك الجرأة على أن تبرر سوء خدماتها أمام زبائنها، لا تجد سوى شماعة «أسعار النفط» كي تعلق عليها أسباب إفلاسها أو مبررات سوء خدماتها

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2202 - الإثنين 15 سبتمبر 2008م الموافق 14 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً