العدد 2197 - الأربعاء 10 سبتمبر 2008م الموافق 09 رمضان 1429هـ

جديد ومحسّن؟

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

أفضل الأخبار من «إسرائيل» الآن هي أن وقف إطلاق النار مع حماس ما زال صامدا.

قد يكون ذلك مزعجا لأقصى اليمين. إنها مادة إيمان بالنسبة لليمين بأنه من المستحيل تحقيق صفقة مع حماس. ولكن هذا بالضبط هو ما فعلته «إسرائيل» عندما وافقت، عندما لم تجد أي بديل آخر، على وقف إطلاق النار. لقد أثبتت حماس أن باستطاعتها إنهاء العنف عندما تريد ذلك وأن باستطاعتها فرض السلام والهدوء.

لم تثبت أنها ملتزمة بالسلام، ومازالت تحتفظ بجلعاد شاليط، الذي احتفل بثالث عيد ميلاد له في الأسر. إذا كان لحماس أي اهتمام بشيء أكثر استدامة من وقف إطلاق النار، يتوجب عليها إطلاق سراح الجندي الشاب.

واقع الأمر أنه لا «إسرائيل» ولا حماس تريد تحقيق صفقة مع الطرف الآخر. ليست حماس مستعدة لقبول وجود «إسرائيل» وعلى الأرجح أنها لن تفعل ذلك أبدا. بوجود خيار بين السلطة الفلسطينية التي تتوق بصدق لسلام كامل مع «إسرائيل» ومقاتلي حماس الأصوليين، تكون «إسرائيل» في منتهى الغباء إذا فضّلت حماس.

هناك تحذير شرعي واحد. لا تسيطر السلطة الفلسطينية إلا على الضفة الغربية. لهذا السبب لم يكن لدى «إسرائيل» خيار سوى التعامل مع حماس، ولهذا السبب يتوجب عليها أن تطيل أمد وقف إطلاق النار إلى أقصى حد ممكن. لا شك هناك بأن حماس تقوم بإعادة التسلّح متوقعة أن ينهار وقف إطلاق النار. ولكن ماذا يهم ذلك؟ لا تقوم «إسرائيل» هي الأخرى بتحويل سلاحها إلى محاريث.

يشكّل بقاء حماس في الحكم في غزة كارثة لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء. ولكن هناك درس واحد يبرز من صعودها إلى السلطة: إن دور الولايات المتحدة حاسم.

لو لم يكن الأمر عائد إلى دبلوماسية إدارة الرئيس بوش التي جرى التخلي عنها الآن، لما أجرى الفلسطينيون الانتخابات التي أتت بحماس إلى السلطة. لم تكن الانتخابات مطلوبة، وفي غيابها كان لدى محمود عباس وفتح فرصة لتنظيم أمورهم وتجميع مواقفهم. إلا أن إدارة الرئيس بوش، بتأثير من ناثان شيرانسكي ورؤيته التافهة للديمقراطية، أصرّت على الانتخابات.

هل هناك أسلوب للجنون؟ بالطبع. لم يرد اليمينيون في «إسرائيل» والولايات المتحدة أبدا أن يتوصل الإسرائيليون والفلسطينيون إلى صفقة. لقد فضلوا دائما أن يُمثَّل الفلسطينيون من قِبَل أكثر العناصر المتطرفة معاداة لـ «إسرائيل».

لهذا السبب قامت حكومة الليكود بتشجيع حماس في ثمانينات القرن الماضي كبديل لمنظمة التحرير الفلسطينية (التي كانت قد اتجهت نحو حل الدولتين). ولهذا السبب استمروا بشجب عرفات بشدة حتى بينما كان يحارب حماس بنجاح. لهذا السبب فعلت قوى التأثير (اللوبي) هنا ما بوسعها لخفض المعونة إلى عباس عندما كان يحارب لإبقاء سيطرته على الضفة الغربية وغزة. عند نقطة محددة ذهب اللوبي إلى تلة الكابيتول ليطلب من لجنة التخصيصات في مجلس النواب قطع المساعدات عن عباس، التي اعتقدت كل من إدارة بوش والحكومة الإسرائيلية أنها ضرورية لدحر حماس. (لم يشعر اللوبي بحاجة لتبرير تصرفاته، فقد حقق الحد من المساعدات ببساطة لأنه يستطيع ذلك).

للولايات المتحدة أهمية، بمعنى آخر. ليس هذا مفاده أن «إسرائيل» ليست دولة ذات سيادة يجب أن تقرر سياساتها الخاصة بناء على احتياجاتها الأمنية. ولكن يتوجب أن تستطيع فعل ذلك من دون أن تضطر للتعامل مع العقائديين في واشنطن، الذين يحاولون فرض أساليب العمل الأميركية على الشرق الأوسط. كذلك لا يتوجب عليها أن تقلق من أن يتم إفشال عملها من قبل مجموعة تأثير، مثلها مثل بقية اللوبيات، تهتم بسلطتها التنظيمية أكثر مما تهتم بأي أمر آخر.

الانتخابات الأميركية حاسمة. «إسرائيل» واقعة في موقف استراتيجي سيئ بشكل مطلق اليوم أكثر مما كانت عليه العام 2000. وهذا عائد لتأثير المحافظين الجدد الذين دفعوا باتجاه الحرب الكارثية في العراق، وعلقوا الدعم الأميركي للمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية وتركوا النزاع ببساطة ينزف لمدة سبع سنوات. إذا بقي المحافظون الجدد مؤثرين خلال الإدارة القادمة فإن «إسرائيل» ستكون في ورطة كبيرة.

لن يكونوا بالضبط جزءا من إدارة أوباما - بايدن، اللذين يمقتان المحافظين الجدد، والشعور متبادل.

أما بالنسبة لماكين - بالين فما زال المحلفون في الخارج. ليس ماكين هو رودي جولياني الذي يعتقد أن مفكري السياسة الخارجية العظماء هم أمثال نورمان بودهوريتز أو دانيال بايبس. كذلك فهو ذو عقلية صلبة ولا يمكن إقناعه من قبل المقاتلين من المقاعد الوثيرة من المحافظين الجدد. ماكين وبالين يملكان عقلية بيضاء فيما يتعلق بقضايا النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، الأمر الذي يعني أنهما يملكان الحرية في التحرك بالاتجاه الذي تفرضه المصالح الوطنية، إذا اختارا أن يفعلا ذلك.

لذا سنرى. تحتاج أميركا لسياسة شرق أوسطية واقعية - واقعية من منظور كل من الولايات المتحدة و»إسرائيل». ستكتشف أثناء الحملة الانتخابية أيهما يقدمها، إذا قدمها أحد.

بالمناسبة، سيتعامل الرئيس المقبل مع رئيس وزراء إسرائيلي جديد. إذا كان لي أن أجري توقعا، فسأخمّن أنها ستكون رئيسة الوزراء تزيبي ليفني. لا يملك حزب العمل بقيادة إيهود باراك أي دعم شعبي تقريبا، وهو يحتاج على الأرجح إلى بضع سنوات لإعادة تجميع نفسه وليصبح قوة في السياسة الإسرائيلية مرة أخرى.

تظهر الاستطلاعات أنه إذا فازت ليفني في الانتخابات الأولية لحزب كاديما في سبتمبر/ أيلول ولكنها لم تتمكن من تشكيل تحالف جديد فستُهزَم في انتخابات جديدة من قِبَل بيبي نتنياهو من حزب الليكود. لا أعتقد ذلك. فنتنياهو، مثله مثل باراك حصل على فرصة كرئيس للوزراء في تسعينيات القرن الماضي. مثله مثل باراك، مني نتنياهو بالفشل. يبدو لي أن الإسرائيليين على استعداد لشخص جديد، وخصوصا شخص لم يتلطخ بتهم الفساد.

هذا الشخص هو ليفني، التي هي كذلك براغماتية وواقعية، وهي أمور تصبّ في صالحها. وهي مستعدة للسلام مع الفلسطينيين على افتراض أنه يمكن ضمان أمن «إسرائيل». يفضل نتنياهو العودة إلى حقبة ما قبل أوسلو عندما كانت «إسرائيل» تستطيع التظاهر أنه يمكن تجاهل الفلسطينيين والاحتفاظ بهم تحت الاحتلال.

في جميع الحالات، ستكون هناك قيادة جديدة في كل من واشنطن والقدس، فهل ستكون «جديدة ومحسنّة» أو جديدة فقط؟ ليس لدي جواب على هذا السؤال.

*عمل مدير تحليل السياسة في منتدى السياسة الإسرائيلية لفترة طويلة على تلة الكابيتول، وكان محررا سابقا لتقرير الشرق الأدنى لمنظمة AIPAC، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2197 - الأربعاء 10 سبتمبر 2008م الموافق 09 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً