العدد 2195 - الإثنين 08 سبتمبر 2008م الموافق 07 رمضان 1429هـ

الخروج من دائرة السلة الرمضانية

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لم يعد الحديث عن عمل الصناديق الخيري فائضا عن الحاجة، بل أصبح من صميم الاهتمام بالمجتمع وقضاياه.

البعض يتحسّس من وجود الصناديق من الأساس، فيصوّر الأمر على انه «طرارة»، بينما هو في الحقيقة جزءٌ من حياتنا المعاصرة ونسيجنا الاجتماعي، بعد أن أخذت رقعة الفقر بالتوسع والانتشار. والمؤشرات تدل على أن الوضع في المستقبل لن يكون أقل سلبية، مع التوسّع في خطط التخصيص والتلويح بالتخلّي عن سياسة «البحرنة»، وبدء مفاعيل سياسة التجنيس الواسع لأعداد ضخمة من الأجانب في السنوات القليلة الماضية.

الصناديق ما هي إلاّ استجابة للتحدي الذي تفرضه الظروف الاقتصادية الصعبة على المجتمع، وليس صدفة أن تكون بداية انطلاقتها منتصف الثمانينيات مع انهيار أسعار النفط، وتوسّعها في مرحلة التسعينيات الصعبة، حتى بلغت الآن ما يزيد على الثمانين. وفي الوقت الذي يتكفل عمل الصناديق بسدّ جزء مهم من الحاجات الأساسية للأسر الفقيرة في رمضان مثلا، فإن المجتمع يقوم بسدّ جزء آخر منها، مباشرة أو عبر الصدقات وغيرها من مظاهر التكافل الاجتماعي.

من هنا فالحديث عن الصناديق الخيرية ليس ترفا، بل هو من صميم واقع ومتطلبات الحياة، لما تلعبه من دور إغاثي وتنموي مهم. وإذا كان الاهتمام قد انصبّ سابقا على تقديم المعونات الشهرية والموسمية، فإن هناك اتجاها واضحا أخذ يتبلور لدى كثير من القائمين على العمل الخيري، للاهتمام بالجانب التنموي متوسط وبعيد المدى، بالاستثمار في تعليم أبناء الأسر الفقيرة، من أجل كسر حلقة الفقر المفرغة.

مثل هذا التفكير الإيجابي المنتج، ينبغي من الجهات المتبرّعة أن تدعمه وتعزّزه، فلا يكفي أن تقوم بعض شركاتنا الكبرى بتوزيع سلة رمضانية قيمتها خمسة دنانير، ولا يكفي أن يقوم بنكنا الوطني بصرف كوبونات شراء بعشرين دينارا للأسرة، ولا يكفي أن تصرف دائرة الأوقاف مبلغا مماثلا. كلها مساعٍ مشكورة بلا شك، ولكنها حلولٌ قصيرة المدى. من يريد أن يفكّر في تنمية مستدامة للمجتمع، فليرتقِ بتفكيره من أجل دعم التوجه المستقبلي بالاستثمار في التعليم.

لا نريد أن نغمط حقّ أحد، ولا أن نقلّل من قيمة هذه التبرّعات ودورها في تخفيف معاناة الأسر التي تعيش على حدّ الكفاف، لكن من المهم أن تفكّر الأطراف المتبرّعة بما تطرحه الصناديق الخيرية من اقتراحات، قد تتطلب تجاوز فكرة «السلة الرمضانية»، إلى أفكار أوسع أفقا وأكثر إبداعا وإنتاجية من ناحية التنمية المستدامة.

الزميل حسين مدن، وهو أحد الكفاءات العلمية المهتمة بالعمل الخيري، كتب قبل فترة عن توزيع إحدى أكبر الشركات 20 ألف سلة رمضانية على العوائل المحتاجة في مختلف مناطق البحرين، وبحسبةٍ بسيطةٍ قدّر تكلفتها بما لا يتجاوز 40 ألف دينار من مجموع مليوني دينار سنويا. وتساءل: هل من العدل ألاّ يصل للصناديق الخيرية الثمانين التي تعيل 10 آلاف عائلة شهريا، غير 2 في المئة فقط من مجمل تبرعاتها في السنة؟

في المجتمعات الغربية أصبحت المؤسّسات تخصّص جزءا من أرباحها لمؤسسات المجتمع، كنوعٍ من الالتزام تجاه المجتمع، أما في دولنا فالبعض لا يفكّر إلاّ بنجاح حملة التسويق، أو نشر صور توزيع التبرعات العينية على بعض الفقراء في الصحف، أكثر ممّا يفكر في المسألة من منظور الالتزام بالواجب الوطني والأخلاقي

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2195 - الإثنين 08 سبتمبر 2008م الموافق 07 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً