العدد 2194 - الأحد 07 سبتمبر 2008م الموافق 06 رمضان 1429هـ

التبرعات في رمضان

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في العامين الأخيرين، انتبهت الجمعيات والصناديق الخيرية إلى وجود ما يشبه التوجه العام لدى الجهات المتبرعة لدفع مساعدات «عينية» للفقراء في شهر رمضان المبارك.

التبرّع من حيث المبدأ عملٌ إنسانيّ نبيل، وخصوصا في هذا الشهر الكريم، لما يجسّده من قيم التكافل والتعاون على فعل الخير. وتنظيم التبرّع في صورة «كوبونات» يوفّر وقتا وجهدا كبيرا على المتطوعين القلائل العاملين في المؤسسات الخيرية، ولكن التركيز على المساعدات العينية فقط سياسة تحتاج إلى مراجعة وتقييم.

ما يجري على أرض الواقع، أن الأسر المحتاجة، وهي بعشرات الآلاف، تتلقى كمياتٍ من الأغذية من عدة جهات في الوقت نفسه، تزيد عن استهلاكها للشهر الكريم. وكثير من الصناديق تلامس اليوم هذه المشكلة كونها أصبحت وسيطا في العملية، وهي لها بعض التحفظات والملاحظات، التي يجدر بالجهات المتبرعة مراجعتها، أكانت شركات أو مؤسسات أو فاعلي خير.

وبغض النظر عن بعض الشركات التي تستغل المناسبة للدعاية والإعلان، فإن من المفهوم تماما وجود رغبةٍ عامّةٍ للتبرّع في هذا الشهر تحديدا، طمعا في الثواب. الجانب الآخر من المعادلة، يطرحه العاملون في الصناديق الخيرية التي لا يتوقف عملها طوال العام، ولا تقتصر على توزيع «المؤونة الشهرية»، بل أخذت تلعب دورا ملحوظا في «إصلاح» وتخفيف حدّة الوضع الاقتصادي للكثير من الأسر ذات الدخل المحدود، من خلال تنوّع مشاريعها وبرامجها، ككسوة العيد، وكفالة الأيتام، والمصروف اليومي للطلبة الفقراء، وتسديد الرسوم الجامعية، وشراء الأجهزة كالمكيفات والثلاجات... إلخ.

هذه البرامج التي تخدم في جوهرها أهداف التنمية المستدامة، تستحق دعما سخيا من الجهات المتبرعة، سواء الشركات والمصارف الكبرى، أو حتى مؤسسة الأوقاف والتجار والمحسنين، واقتصار البعض على تقديم السلة الرمضانية للفقراء أصبح بحاجة إلى مراجعة وتغيير.

لا أحد يستطيع بطبيعة الحال أن يملي على المتبرّعين تحديد طريقة تبرعهم وموارد صرفها خلاف رغبتهم، ولكن العاملين بالصناديق الخيرية كونهم أكثر التصاقا بالفئات المحتاجة، لهم وجهة نظر تستحق الاهتمام. فالحاجة لا تقتصر على شهرٍ واحدٍ من العام، كما لا تنحصر في سلةٍ غذائيةٍ صغيرةٍ تسدّ حاجة الأسرة لمدة يومين أو ثلاثة أيام، وما أكثر الحاجات مع اتساع دائرة الفقر وارتفاع الأسعار هذا العام.

فكرة «الكوبونات» يمكن أن تشمل حاجات أخرى كالملابس، بدل اقتصارها على الغذاء الذي يتكدّس ويفيض عن حاجة الأسرة، وخصوصا مع تحديد موعد معين لصلاحية الكوبون، غالبا ما يكون شهرا واحدا، مع انه بالإمكان تمديده لثلاثة أشهر، لتستفيد الأسرة الفقيرة في تأمين جزءٍ من حاجاتها لأطول فترة ممكنة.

الصناديق الخيرية لو تكلّمت لقالت إننا بحاجةٍ إلى دعم مادي مستمر طوال العام، ومشاريعنا الدائمة تحتاج إلى نقد، وقد آن الأوان أن تساعدنا الجهات المتبرعة بما فيها الشركات والبنوك والأوقاف والتجار، بالانتقال من فكرة السلة الرمضانية إلى سلة أكثر شمولية ودواما، بما يرفع العوز والحاجة عن كاهل الطبقات المحرومة بشكل أفضل وأكمل.

للأمانة... بعض البنوك والتجار وأصحاب الخير، كانوا ومازالوا يقدّمون شيكا يمكّن الصندوق من سدّ النقص في الجوانب الأخرى ككسوة العيد وشراء اللحوم ولا يشترطون صرفها في وقت محدد، وهو خيارٌ أفضل من سياسة الإغراق بالسلال الصغيرة

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2194 - الأحد 07 سبتمبر 2008م الموافق 06 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً