العدد 2190 - الأربعاء 03 سبتمبر 2008م الموافق 02 رمضان 1429هـ

نعم للملفات السياسية

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

من جملة أمور ومواقف وتوجهات حدثت بالأمس ومن المتوقع أن تستمر إلى الغد وما بعده، نفهم من خلالها أنه ليست هناك رغبة لدى بعض النواب أو بعض الكتل في المجلس النيابي، والمواقف ذاتها موجودة لدى البعض أيضا في السلطة التنفيذية، الموضوع يتعلق بطرح الملفات السياسية، فهناك كما يبدو بشكل واضح توجسات ومخاوف لا معنى لها، بل إن البعض يحاول جاهدا أن يضع العقبات والحواجز المصنوعة والمصطنعة لأغراض إعاقة تحقيق الإنجازات في الملفات السياسية فضلا عن طرحها وفتحها، والواقع يقول دعونا نشارك المجلس البلدي في تحقيق الإنجازات الخدماتية حتى لو اضطر بنا الأمر أن نفقد مصداقيتنا وسرقنا جهود إخواننا البلديين، المهم أن نترك المجال التشريعي للحكومة تخيط وتبيط به كما تريد وكما تشاء من خلالنا أهم شيء لا تزعل علينا الحكومة، ولا نزعل أنفسنا فالدنيا غير مستاهلة أصلا للزعل ولا للنكد.

ومع جزمنا الأكيد بأن هناك رغبات دفينة وصولات وجولات هنا وهناك بهذا الشأن، علينا أن نقف ونسأل أنفسنا هل علينا بالفعل أن نركن لهذا؟

وهل أن العمل الخدماتي الذي نركز عليه أولى من العمل السياسي القائم على أساس إدارة الملفات السياسية العالقة؟

وهل صحيح أن علينا أن نتخلى عن دورنا التشريعي وأن نتقاسم مع البلديين دورهم الخدماتي؟!

وهل الإصلاحات السياسية أصلا من شأنها أن تحقق إنجازات ومكاسب في الوقت الذي نصف فيه مستقبل العمل السياسي في البحرين بأنه عقيم؟.

والسؤال الذي يطرح نفسه: إذا لم تكن ماكينة العمل السياسي تستطيع أن تعمل بلا إدارة وطرح وفتح الملفات السياسية؟

أشك في ذلك بل إن العمل السياسي لا يحصل فيه نضوج إلا من خلال التركيز على الملفات السياسية الساخنة وليس تجاهلها والصد عنها، حيث أن تجاهلها يعني مزيدا من الإحباط والاستياء والضجر من قبل الشارع، وبالتالي نكون قد خسرنا أكبر محفز ومشجع لنا في العمل السياسي، ولا يمكن بأي حال من الأحوال التقليل من قدرة الشارع كقوة في ضبط إيقاع العمل السياسي وتوجيه أحيانا.

قرأت قبل فترة وجيزة تصريحا لأحد أبرز قياديي كتلة الأصالة الشيخ عادل المعاودة والمعروف بوسطيته واعتداله وقربه من كتلة الوفاق تلقفت ما قاله وأدلى به ولعلكم تابعتم بدوركم تصريحه وموقفه، كان ذلك حول توزيع الدوائر الانتخابية والموقف الأولي منه حيث يرى أن رغبة كتلة الوفاق أو إصرارها على طرح هذا الملف خلال دور الانعقاد القادم غير مناسب بحسب تقديره الشخصي ومن شأنه أن يأزم الوضع في المجلس، كما يشير إلى أن نتيجة فتح هذا الملف معروفة وبشكل استباقي سلبي يلمح بأنه لن تكون هناك توافقات مشتركة حوله، ويبين قناعته بأن التركيبة الحالية للمجلس هي التي حفظت تحقيق التوازن للمجلس وأحالت دون المزيد من الأزمات المتوقعة، ونلحظ من خلال تصريحه بأنه يراهن بأن لو كانت تركيبة المجلس بشكل يختلف عما هو عليه الآن لكان المجلس قد تعرض لأزمات أكبر وأكثر.

مع احترامي الشديد لشخصه الكريم إلا أنني أختلف معه اختلافا كبيرا، وأفهم من خلاله أن ملف الدوائر الانتخابية حاله كحال الملفات السياسية الأخرى سيكون أيضا عقيما فقط لكونه ملفا سياسيا، والموقف الصائب من وجهة نظره علينا غلقه وأن نحكم إغلاقه فقط وفقط من أجل تحقيق مزيد من الاستقرار والهدوء للمجلس، وتجنب إحداث إرباك أو أزمات بين صفوفه مستقبلا حفاظا على العلاقات والروابط بغض النظر عن النتائج والأسباب! هذا ما أفهمه من تصريح الشيخ المعاودة وإن شاء الله أكون مخطئة في الفهم.

من هنا أحاول أن أعلق على موقفه من خلال المقال الحالي: استقرار المجلس وعدم إرباكه في النهاية أحد أهداف الكتل، ولكنه ليس غاية، وأرى أن أسباب تأزم المجلس وتعرضه للأزمات خلال الدور التشريعي الثاني كانت كثيرة جدا ولعل أبرزها التركيبة الحالية التي هو عليها الآن وليس كما يقول بأن التركيبة الحالية كفلت للمجلس عدم الدخول في أزمات، كما أرى أن بقاء التركيبة على ما هي عليه مستقبلا سيسبب مزيدا من الأزمات، لأن المجلس الحالي لا يمثل القوى السياسية في البحرين، كما أن الإطار العام التي في ضوئها رسمت الدوائر الانتخابية كان على أساس الموالاة ولضمان تمثيلهم للتحكم في مفاصل العمل التشريعي.

وإننا لو كنا بالفعل نطمح لتحقيق الاستقرار وأن نفكر بصورة عملية لبعد المجلس التشريعي عن الصراعات السياسية علينا أن نفكر أولا بإعادة النظر في الدوائر الانتخابية بحيث نضمن تمثيل كل القوى السياسية بما فيها الأقليات السياسية التي نحفظ حقها في المجلس الآخر المعين، في حين أننا نتجاوز تمثيلها في المجلس المنتخب.

كما علينا أن نعمل على إيقاف التدخلات الخارجية التي تتعرض لها الكتل النيابية، فمزيد منها يعني التقليل من فرص الالتقاء والتوافق بين الكتل، ومع زيادتها يعني مزيدا من التشنج والاحتقان بين الكتل، وفي النتيجة النهائية الإنجازات البرلمانية لن تتحقق إلا من خلال توافقات محسوبة وموزونة مع التركيبة الحالية فلا الكتل الكبيرة تستطيع تحقيق إنجازات لوحدها بلا توافقات ولا الكتل الصغير ستكون قادرة على ذلك، وفي النتيجة النهائية الأمر بحاجة إلى تنسيق وتوافق.

وأخيرا من الخطأ الاستراتيجي الجسيم أن تبنى الخطط البرلمانية بعيدا عن الملفات السياسية حتى لو كنا نبحث عن الانسجام والتوافق، الانسجام مطلوب والتوافق أيضا لكن لا يعني ذلك التفريط في وضع الأولويات وضياع بوصلة الآليات وبالتالي الإصرار لابد أن يكون بصورة أكبر على طرح الملفات السياسية لا الهرب منها والتهرب من طرحها والارتماء في أحضان العزيزة الغالية الحكومة وسيطرتها المستحكمة، ويا كتل الموالاة ننتظر انتهاء الغفوة لتحقيق المكاسب.

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 2190 - الأربعاء 03 سبتمبر 2008م الموافق 02 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً