العدد 2189 - الثلثاء 02 سبتمبر 2008م الموافق 01 رمضان 1429هـ

البحرين: عقبات التحول الديمقراطي والإصلاح (2)

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

في الجزء الأول تحدث الكاتب عن فرص الإصلاح والتحول الديمقراطي في تاريخ البحرين الحديث، والظروف التي أدت إلى تبديدها.

وتناول الكاتب أيضا في تسلسل تاريخي أهم الحركات التحررية، ابتداء من قيام هيئة الاتحاد الوطني وصولا إلى إعلان استقلال البحرين في العام 1971 وإجراء أول انتخابات عامة للمجلس الوطني في العام 1973، وحالة النكوص خلال مرحلة أمن الدولة، وما تلاها من تولي جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة شئون البلاد في العام 1999، وإطلاق مشروع ميثاق العمل الوطني والاستفتاء عليه، وفيما يأتي الجزء الثاني:

عقبات الإصلاح

هناك عدة أسباب تعوق الإصلاح أهمها:

أولا: إن مشروع الإصلاح والتحول الديمقراطي هو بالأساس مشروع الحكم وبمبادرة منه للخروج من الأزمة التي ذكرناها, على رغم أنه مطلب شعبي ومطلب المعارضة على امتداد 27 عاما، وعلى رغم إسباغ المشاركة الشعبية عليه من خلال صياغة الميثاق والشرعية الشعبية من خلال الاستفتاء عليه. لكن المتحكم في جدية الإصلاح ووتيرته ومداه هو الحكم. ومن الواضح الآن انخفاض وتيرة الإرادة السياسية للتغيير الديمقراطي الفعلي، والتركيبة الوزارية لازالت في جوهرها ثابتة لم تتغير مع متطلبات التغيير الديمقراطي .

ثانيا: السلطة والثروة. إن نظام الحكم في البحرين وبغض النظر عمن يحكم أو التغييرات التي تحدث على بنيته، فهو نظام قائم على الحق القبلي في حكم البحرين، وقد جاء ميثاق العمل الوطني، وثيقة الإصلاح والتحول الديمقراطي متجاهلا نضالات شعب البحرين من أجل الاستقلال. وعلى رغم ذلك فقد صوت الشعب على الميثاق، أملا في تقنين هذه العلاقة كما جاء في الدستور الذي يكرس حكم آل خليفة في المادة (1)، (ب)، و (ج) والتي لا يمكن تغييرها.

لكن مفهوم الحكم هنا غامض، وليس هو على غرار الممالك الدستورية، رغم الحديث عنه في الميثاق. وبالنسبة للسلطة فتركيبة الدولة بدءا من مجلس الوزراء حتى الدوائر الدنيا مهيمن عليها من قبل تحالف الحكم.

إذا فعندما طرح الحكم مشروعه الإصلاحي والتحول الديمقراطي، فإن مصالح التحالف الحاكم والطبقة الحاكمة يجب ألا تمس، بل العكس هو الصحيح فقد تعززت.

فمن ناحية الثروة تضاعفت من خلال المشاريع العقارية العملاقة، ومن ناحية السلطة تعززت من خلال المزيد من السيطرة على الوظائف القيادية في الدولة، وخصوصا المؤسسات والهيئات الجديدة. وقد طرحت الكاتبة سوسن الشاعر ضرورة أن تندمج الأسرة الحاكمة في المجتمع وأن يسري عليهم - باستثناء جلالة الملك وولي العهد - ما يسري على المواطنين.

إذا فإن أهم عقبة في وجه التغيير الديمقراطي هي هذه الامتيازات، لأن أي إصلاح ديمقراطي يعني وجود نظام أو آليات للرقابة والمحاسبة، ومنه البرلمان والقضاء والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني. لكننا نرى من خلال التجربة، أن التحول في النظام نحو المملكة الدستورية أحدث مؤسسات جديدة (برلمان، أحزاب، جمعيات، صحافة وغيرها) عاجزة عن المراقبة الفعلية والمحاسبة ناهيك عن العجز في امكانية تصحيح الاستيلاءات على الأراضي والسواحل وثروات الدولة، والعجز في تصحيح الاختلال والامتيازات والتمييز في أجهزة الدولة.

ثالثا: برجوازية هجينة وعاجزة. باستثناء الدور المشرف لبعض التجار في حركة الهيئة (1954 - 1956) فإن ما يعرف بالتجار (البرجوازية علميا) ومؤسستهم العريقة غرفة تجارة وصناعة البحرين، لم تلعب ولاتزال لا تلعب أي دور في الضغط من أجل التحول الديمقراطي والإصلاح الحقيقي.

صحيح أن هذه الفئة كانت تشكو من مزاحمة من بيده القرار السياسي، وخصوصا أقطابه للتجار الكبار، ولاسيما العاملين في مجال العقار والفندقة والوكالات، لكن هذه الفئة خلافا لنظيرتها الكويتية، كانت دائما خنوعة، وتقبل دور الشريك الثاني في التجارة ولا دور في السياسة.

بالنسبة للإصلاحات الجارية، فقد حسنت بالتأكيد من مكانة التجار في علاقتهم مع الحكم وذلك في ضوء اشتراطات منظمة التجارة العالمية، والانفتاح الاقتصادي.

وكانت هناك دعوات ليلعب التجار دورا سياسيا من خلال دعمهم لمرشحين ليبراليين في الانتخابات العامة, لكن هذه الدعوات تراجعت وطويت.

إن همّ معظم التجار الكبار هو الاستمرار في تأمين مصالحهم ولو من خلال التحالف مع الحكم، على حساب مصالح الفئات الأخرى من الشعب ويتبين ذلك من موقفهم تجاه استراتيجية سوق العمل والخصخصة ومعاداتها للقوى السياسية الديمقراطية.

مما له دلالته أن الحكومة تبرعت بالأرض وبكلفة بناء مقر الغرفة الجديد (بيت التجار) بـ 7 ملايين دينار. فهل التجار بحاجة إلى تبرع الحكومة؟

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 2189 - الثلثاء 02 سبتمبر 2008م الموافق 01 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً