العدد 2189 - الثلثاء 02 سبتمبر 2008م الموافق 01 رمضان 1429هـ

المرأة المصرية على مفترق طرق

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

كسرت المرأة المصرية هذا الصيف محرّمات للحديث ضد معوقات شعائر الزواج التقليدي وتفشي التحرش الجنسي في مصر.

وعلى رغم مطالبة المرأة حديثا باعتراف قانوني واجتماعي أوسع فإنها تحصل على مؤشرات متضاربة بشأن حقوقها، وخاصة عندما يعود الأمر إلى قانون الأسرة.

تطلق منظمات المجتمع المدني حملات وعي تنادي بالمساواة في النوع الاجتماعي وحماية قانونية متساوية في هيكل الأسرة. إلا أن المؤسسة الدينية للمرأة تقول في الوقت نفسه إنها تملك ما يكفي من حقوق الأسرة تحت القوانين القائمة.

خلال العقد الماضي شهدت مصر وغيرها من الدول العربية إصلاحات تشريعية نتجت منها تعديلات دستورية أعطت المرأة حقوقا متساوية. على سبيل المثال، تستطيع النساء المصريات الآن المتزوجات من رجال غير مصريين إعطاء جنسيتهن لأولادهن. إضافة إلى ذلك، تمكنت المرأة المصرية وللمرة الأولى من الحصول على حق الطلاق، ولا يستطيع الأزواج بعد الآن منع زوجاتهم من السفر إلى الخارج وحدهن. كذلك لا يستطيع مرتكبو الاغتصاب الهروب من العقاب بمجرد زواجهم من النساء اللواتي اغتصبوهم. وتم إنشاء محاكم أسرية للتوسط بين الأزواج والإسراع في إجراءات الطلاق.

إلا أن قانون الأسرة يبقى على حاله. تعود مدونة القوانين الحالية إلى العام 1920، وهي ترتكز على افتراضات يقصد بها الإبقاء على النظام الأبوي التقليدي من دون المساس به. أحد هذه الافتراضات أن الزوج يوفر رزق أسرته وتبقى المرأة خاضعة لزوجها. يعطي قانون الأحوال الشخصية الرجل حقا غير مشروط للطلاق، على حين تحتاج المرأة للحصول على موافقة المحاكم، والتي غالبا لا يتم منحها إلا إذا تنازلت المرأة عن كل حقوقها المالية، بما فيها المَهْر، أو أثبتت أن زوجها يتعرض لها بالإساءة.

مع ذلك فالواقع اليوم - وطالما كان منذ فترة - مختلف جدا. هناك المزيد من النساء العاملات اللواتي يساهمن في دعم أسرهن ماليا. إلا أنه لم يجرِ تحدي أدوار النوع الاجتماعي في الأسرة، التي يتم الحفاظ عليها قانونيا وتعزيزها اجتماعيا؛ مما يقف حائلا أمام حدوث أي تحول اجتماعي وثقافي.

هناك أصوات مرتفعة تطالب بالتغيير. تطالب منظمات المجتمع المدني في مصر، وخاصة المجموعات النسائية بإعادة تفسير الشريعة الإسلامية المبنية على المبادئ الإسلامية في ما يتعلق بحقوق المرأة.

إلا أن المجتمع الديني يدعم موقفا يقول إن للمرأة حقوقا كافية داخل الأسرة. وهم يقولون للمرأة إن لها حق مطالبة الزوج بتوفير العيش لها ولأبنائها، والاحتفاظ بدخلها الشخصي لاستخدامها الشخصي، والحصول على المال من زوجها عندما تقوم بواجباتها أما، مثل الرضاعة. وهكذا تديم المؤسسة الدينية الفروقات في الأدوار التي ترتكز على النوع الاجتماعي.

لسوء الحظ، يشكل الوصول إلى الدعم القانوني لتغيير القوانين القائمة أو تحديها مشكلة للعديد من النساء الفقيرات. فكلفة استخدام المحامين مرتفعة، ومن الممكن أن يكون الوقت الذي يتم قضاؤه في المحاكم غير مجدٍ بالنسبة للمرأة التي تعمل داخل المنزل وخارجه، ولا توجد ضمانات لأن يكون الحكم في صالحها. ويتأثر القضاة وضباط الشرطة أحيانا بالمؤسسة الدينية والثقافة الأبوية التي تدعم عدم المساواة وتعزز الأدوار التقليدية في النوع الاجتماعي. ومما يزيد من سوء الأوضاع أن المتطرفين الدينيين يعتبرون الحفاظ على الدور القائم للمرأة في الأسرة معركة حاسمة في حرب الحفاظ على الأخلاقيات الاجتماعية الفاضلة. لذا يجري الضغط على النساء في الكثير من الحالات للبس الحجاب وممارسة الختان وإثبات عذريتهن. ويلعب الإعلام والمناهج المدرسية دورا رئيسيا في الحفاظ على الأدوار التقليدية للرجال والنساء، فتصور المرأة على أنها ضعيفة وعاطفية واعتمادية تحتاج إلى الحماية.

إلا أن أصوات التغيير أخذت ترتفع. تعمل الكثير من المؤسسات في مصر، بما فيها المجلس الوطني للمرأة ووزارة العدل والحزب الوطني الديمقراطي، إضافة إلى عدد من المنظمات النسوية غير الحكومية على إصلاح قانون الأحوال الشخصية والإجراءات القانونية في محاكم الأسرة.

بدلا من القبول بفرض أدوار النوع الاجتماعي عليهن في هذا المنعطف الصعب، تُظهر النساء المصريات شجاعة في مساءلة هذه الأدوار، والسعي نحو المشاركة والحقوق الكاملة بصفتهن مواطنات متساويات.

*حاصلة على شهادة الدكتوراه، ومستشارة رئيسية في سياسة حقوق المرأة في مؤسسة المعونة الفنية الألمانية في مصر، وعضو في مجلس تحالف النساء العربيات، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2189 - الثلثاء 02 سبتمبر 2008م الموافق 01 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً