نشر موقع وكالة الأنباء العالمية (IPS) تقريرا مفصلا عن الجوع في إثيوبيا، تحدث فيه عن أزمة الغذاء التي وصلت إلى درجة أن إحدى المواطنات كان عليها أن تختار طفلا من بين تسعة أطفال «كانوا يتألمون من الجوع (لكنها) قدرت أن في وسعها أن تحمل معها طفلا واحدا إلى أديس أبابا لإطعامه ورعايته فقررت في النهاية إحضار أصغر الأطفال التسعة سنّا، ليس بالضرورة أكثرهم معاناة من الجوع، وإنما ربما أقربهم إلى قلبها».
ويذهب التقرير في وصف الحال العامة فيؤكد أن إثيوبيا «لا تزال تعتمد على مجرد نصف ما تحتاج إليه لتوفير خدمات الإغاثة في المناطق الريفية، وتلقي اللوم على الدول المانحة عن هذا العجز.
وتشير تقديرات إلى أن أكثر من 13 مليون أثيوبي سيحتاجون نوعا ما من معونات الطوارئ هذا العام فقط».
وليست وكالة الأنباء العالمية التي تتحدث بصوت عال عن الفقر والجوع اللذين ينهشان القارة السمراء، والتي ليست الحالة الإثيوبية سوى أحد الشواهد الحية على المأساة التي تودي بحياة الملايين من البشر الذين لا يستطيعون الحصول على ما يسد رمقهم.
هذا ما تعترف به تقارير الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصة مثل برنامج الأغذية العالمي الذي يعلنها صراحة أنه يواجه بشكل مستمر معاناة الجوعى كل يوم في بلدان مختلفة من إفريقيا «فالنيجر - كما يقول البرنامج - ليست جزيرة اليأس في أفريقيا، بل هي جزء من أرخبيل معقد من المشاكل تعاني منه القارة.
وفي بلدان مجاورة للنيجر مثل موريتانيا ومالي يعاني اطفال كثيرون من سوء التغذية إذ ضاعف جفاف مدمر من الأثر الفادح لأشرس هجوم لأسراب الجراد يتعرض له هذان البلدان منذ 15 عاما».
وينبه البرنامج إلى أن» إلغاء الديون المستحقة على بعض البلدان الافريقية خطوة طيبة ولها مزايا كثيرة، لكنها تعني القليل لطفل يتضور جوعا الآن وربما يقضي نحبه بسبب عدم توافر الغذاء. فهاهو الجوع يعود في حلقة جديدة من مسلسله المخيف المستمر منذ عدة عقود في أفريقيا».
وقد وصل الأمر - وحسب تقارير الأمم المتحدة إلى أن منطقة إقليم أفريقيا الجنوبية أصبحت في ما يشبه «حالة طوارئ دائمة نتيجة ثلاثة أسباب مميتة: وهي فيروس نقص المناعة البشري/ الإيدز وانعدام الأمن الغذائي وضعف القدرة على التسيير والإدارة.
وقد وصلت حالات الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية نحو 32 في المئة من الحالات على مستوى العالم. وتمثل حالات الوفاة بسبب الإيدز نحو 34 في المئة من الحالات على مستوى العالم. وبالإضافة إلى ذلك، يزيد عدد الأيتام في الإقليم بشكل سريع إذ فقد أكثر من 3,3 ملايين طفل بالفعل أحد الأبوين أو كلاهما بسبب هذا الفيروس».
وعلى امتداد السنوات العشرين الماضية لم تكفِ الأمم المتحدة عن إطلاق صيحات الاستغاثة من أجل مواجهة الفقر والجوع في إفريقيا ففي خطابه الذي وجهه في 5 يوليو/ تموز 2005 في مناسبة «النهج المبتكر لبلوغ الهدف الإنمائي للألفية المتعلق بمشكلة الجوع في أفريقيا»، قالها الأمين العام للأمم المتحدة حينها كوفي أنان «لقد اجتمعنا هنا لكي نناقش مشكلة من أخطر المشاكل على وجه الأرض، ألا وهي وباء الجوع الذي يقاسي منه مئات الملايين من أبناء أفريقيا، والذي سيظل ينهشهم ما لم نخف إلى العمل بعزم أشد وبخطى حثيثة... الأرقام كلها جد مألوفة، وهي توضح أنه من بين كل 3 رجال ونساء وأطفال تقريبا في بلدان أفريقيا الواقعة جنوبي الصحراء الكبرى يعاني فرد من نقص حاد في التغذية.
فأفريقيا هي القارة الوحيدة التي تتردى فيها معدلات تغذية الأطفال بدلا من أن تتحسن... ومما يدعو إلى الأسى أن التقدم، الذي شهده العقد الماضي، كان بالغ الضآلة.
ويبدو أن بلوغ الهدف الإنمائي للألفية الرامي إلى خفض معدلات الجوع إلى النصف بحلول العام 2015 بات ضربا من الأحلام بعيدة المنال لا هدفا قابلا للتحقيق بالنسبة لعشرات من البلدان... لقد أبدى العالم قصورا مروعا في تنفيذ خطة العمل التي أقرها مؤتمر القمة العالمي للأغذية في 1996. وعجزت أفريقيا بالخصوص عن كسر طوق أزمات الجوع المتكررة
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2187 - الأحد 31 أغسطس 2008م الموافق 28 شعبان 1429هـ