العدد 2186 - السبت 30 أغسطس 2008م الموافق 27 شعبان 1429هـ

الحرب العالمية على الأكياس البلاستيكية 2/2

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

يقودنا هذا العرض شبه المفصل لأشكال محاربة الأكياس البلاستيكية، إلى السؤال المنطقي: ما هي تلك الأضرار التي تسببها الأكياس البلاستيكية، أو الناجمة عن استخدامها أو حتى تصنيعها؟

أول تلك الأضرار هي كمية النفط الضخمة التي تستهلك من أجل صنع تلك الأكياس، فكما ذكرنا أن دولة كالصين مثلا، تستهلك 5 ملايين طن من النفط سنويا، أي ما قيمته 3,7 مليارات دولار، من أجل توفير حاجتها من تلك الأكياس. واليوم والعالم يشهد أزمة الطاقة، ويعاني من ارتفاع أسعارها، تتحول صناعة الأكياس البلاستيكية، بخلاف ما يحاول البعض أن يثبت، إلى عبء حقيقي على المجتمع الذي ينتجها، ناهيك عن الذي يستهلكها.

ثاني تلك الأضرار هو المقاومة الشديدة التي تتمتع بها هذه الأكياس ضد عوامل التعرية من حرارة وضوء، إلى جانب العوامل المذيبة الأخرى التي لا تستطيع تذويب أو تحليل أو تفكيك البلاستيك بسبب تمتعه بخصائص تؤدي إلى عدم التحلل وعدم ‏الذوبان وعدم التفكك إلى مكوناته الأولية من دون تدخل طرف ثالث هو الإنسان. والأمر الأشد سوءا هو، عندما تترك هذه الأكياس في الطبيعة، ونظرا لبطء تحللها، فهي تحتاج من 400 إلى 1000 سنة كي تتحلّل تماما وتمتصّها التربة، وتصبح مواد مضرة للمجتمع والطبيعة في آن.

ثالث هذه الأضرار، أنه في بعض البلدان ذات مجاري الصرف الصحي السطحية، غالبا ما تسد تلك الأكياس، مجاري تصريف مياه الأمطار، ما يسبب اختناقات كبيرة في تلك المجاري، يؤدي إلى تحول المناطق المحيطة بها إلى مستنقعات ملائمة انتشار الجراثيم والحشرات. وفي بعض الحالات تحتفظ تلك الأكياس ذاتها بالمياه التي تشكل بيئة نموذجية لإنتشار البعوض مسببا مرض الملاريا. وفي إفريقيا خصوصا، ربطت الناشطة البيئية الكينية الحائزة على جائزة نوبل للسلام العام 2004 ونغاري ماتاي، بين أكياس البلاستيك الملقاة وانتشار الملاريا في تلك القارة.

رابع تلك الأضرار له علاقة مباشرة باليئة؛ إذ غالبا ما تنقل الرياح الأكياس البلاستيكية خفيفة الوزن في رحلات طويلة، إلى مناطق زراعية أو حرشية مكتضة بالأشجار والنباتات، وتستقر تلك الأكياس، والبعض منها مساحته كبيرة، على تلك الأشجار والنباتات ما يؤدي ‏إلى حجب الضوء عن بعض أجزاء النباتات مسببة عدم استكمال عملية التمثيل الضوئي ‏اللازم لنموها واستمرار الحياة الطبيعية فيها.

خامس تلك الأضرار هو تحولها إلى حاجز مانع، ونحن نتحدث هنا عن نوعين من أنواع الحجز، الأول له علاقة بتحولها إلى طبقة صماء تقوم بحجز مياه الأمطار في الجزء العلوي من التربة، حائلة بذلك دون تسرب تلك المياه، بشكل كلي أو جزئي، إلى الآبار ‏الجوفية، حارمة بهذه العمليلة المياه من إكتمال دورتها الطبيعية الكاملة؛ الأمر الذي يترك آثارا مدمرة على النظام الإيكولوجي المحيط. أما الدور العازل الثاني، فهو ذا علاقة بالتربة ذاتها، إذ تقوم الأكياس البلاستيكية ببناء جدار أصم يقسم التربة إلى جزئيين، لا تحصل التربة أسفل الأكياس ‏البلاستيكية، من جراء ذلك، على المياه والمخصبات اللازمة.

سادس تلك الأضرار، هو عدم قابلية تلك الأكياس البلاستيكية لعمليات «إعادة التدوير» (Recycling)، وطبقا لرأي خبراء أميركان يعملون في وكالة حماية البيئة في الولايات المتحدة الأميركية، فإنه غالبا ما «يندر أن تخضع الأكياس البلاستيكية إلى عملية التدوير، مقارنة مع الأكياس الورقية، فقد وصل معدل تدوير الأخيرة إلى نحو 20 في المئة في العام 2000، مقابل 1 في المئة بالنسبة إلى الأكياس البلاستيكية التي نتحدث عنها».

سابع تلك الأضرار ينعكس على البيئة البحرية، فغالبا ما تتناولها قناديل البحر، الأمر الذي يؤدي إلى موتها اختناقا، كما تسد في حالات أخرى خياشيم الأسماك، ما يؤدي إلى موت جماعي لهذه الأسماك، وأخيرا، ويحدث في حالات كثيرة، عندما ترمى هذه الأكياس البلاستيكية في البحار أو حتى المحيطات، تلتف حول الشعاب المرجانية ما يحرم تلك الشعاب من ضوء الشمس ومن التيارات المائية المتجددة الداخلة والخارجة منها وإليها والتي تحمل لها الطعام والأكسجين.

وأخيرا، وإذا ما أردنا تتبع تاريخ بداية استخدام النايلون كمادة مصنعة في الحياة اليومية، فلابد أن نعود إلى مرحلة الحرب العالمية الثانية، وتحديدا إلى العام 1937

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2186 - السبت 30 أغسطس 2008م الموافق 27 شعبان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً