العدد 2179 - السبت 23 أغسطس 2008م الموافق 20 شعبان 1429هـ

غنى الحكام العرب وفقر الشعوب

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تناول أحد البرامج التي يبثها موقع هيئة الإذاعة البريطانية « بي بي سي» من أجل التعرف على آراء المستمعين العرب، مسألة «ثروات الحكام العرب»، موضوعا للنقاش.

وأورد الموقع أرقاما نشرتها في مايو/ أيار 2008 مجلة «فوربز الأميركية». وقد جاء تصنيف ملك تايلندا أغنى ملك في العالم إذ قدرت ثروته بـ35 مليار دولار، حسبما ورد في تقرير المجلة. وكما يبدو من الأرقام والأسماء فإن التغطية لم تكن شاملة؛ إذ غابت من القائمة بعض رؤساء الدول النفطية الأفريقية.

تلا الملك التايلندي مجموعة من الحكام العرب تراوحت ثرواتهم بين 23 مليار دولار، و21 مليار دولار، و18 مليار دولار. مقابل ذلك قدرت المجلة ثروة ملكة بريطانيا بـ650 مليون دولار، لكن هناك من يقدرها بحوالي 16 مليار دولار إذا ما أضيف إليها التاج والجواهر الملكية.

قبل ذلك، وتحديدا في أواخر أكتوبر/ تشرين الأول 2007 كشف تقرير للمجلة ذاتها عن ثروات وممتلكات الحكام والملوك، حينها تصدر حاكم بروناي القائمة، تلاه أيضا في المرتبة الثانية أحد الحكام العرب. والشيء بالشيء يذكر، ففي مطلع العام 2002 كشفت صحيفة «الواشنطن بوست» الأميركية أرقاما بشأن ثروة الرئيس العراقي السابق صدام حسين التي تجاوزت، وفقا لتلك الأرقام، 7 مليارات دولار، أودعها صدام في مصارف سويسرا بأرقام سرية لا يعرفها أحد سواه.

بالطبع، لا يقتصر الغنى على الحكام وحدهم، ففي الدول الصناعية تصل ثروات الأفراد من أمثال الرئيس السابق لشركة مايكروسوفت إلى ما يربو على 85 مليار دولار، بل حتى في دول فقيرة مثل الهند نجد بعض من وصلت ثرواتهم إلى 40 مليار دولار مثل رئيس شركة ريلاينس.

لكن في تلك البلدان، وخصوصا الأوروبية التي بنت نظاما ضرائبيّا معقدا ومتطورا يرغم الجميع حكاما وأثرياء على الإفصاح عن مقدار ومصادر ثرواتهم. قبل، وبعد وصولهم إلى مناصبهم، سواء في شركات القطاع الخاص أو أجهزة الحكم والدولة.

الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك، على سبيل المثال، أعلن في الجريدة الرسمية لائحة ممتلكاته التي يقدّر ثمنها بـ 4,1 ملايين يورو، فضلا عن منزلين... وسيارة من طراز بيجو 205 عمرها 23 عاما. إلى جانب ذلك يمتلك شيراك قصرا في كوريز، قدرت قيمته بنحو 620 ألف دولار ومنزلا من أربع غرف في سانت فيريول في كريز ورثه شيراك عن والدته ويقدر ثمنه الآن بنحو 72 ألف دولار.

أما في بريطانيا؛ فنجد أن رئيس الوزراء البريطاني السابق طوني بلير حقق منذ تنحيه عن زعامة حزب العمال الحاكم ورئاسة الحكومة ثروة جيدة جمعها من وراء إلقاء المحاضرات وتولي عدة مناصب استشارية، بالإضافة إلى عقد وقعه مع دار للنشر، يحصل بمقتضاه على 5 ملايين جنيه إسترليني ثمن كتابة مذكراته عن 10 سنوات قضاها في رقم 10 داوننغ ستريت. و وافق بلير على قبول وظيفة مستشار لبنك أميركي بارز هو جي بي مورغان مقابل نصف مليون جنيه سنويّا.

حتى في روسيا الرأس مالية وجدنا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقبيل تنحيه عن الرئاسة يكشف عن جميع ممتلكاته وأمواله التي أذهلت الكثيرين ممن توقعوا أن يكون الرئيس الروسي، أصبح ملياديرا من خلال انتسابه أو تعاونه مع إحدى المافيات الروسية التي استغنت إثر سقوط الاتحاد السوفياتي، أو لكونه رئيس دولة عظمى لم تستقر فيها أنظمة مراقبة رؤساء الدولة بعد. لم تتجاوز ثروة بوتين، كما كشف عنها، عن شقة صغيرة وقطعة أرض وسيارتين وحسابه الخاص به حوالي 80 ألف دولار.

الأمر الذي يثير الجدل بشأن الثروات التي بحوزة الحكام العرب، والتي تجعلهم مختلفين عن غيرهم من الحكام الأغنياء، وعلى وجه الخصوص أولئك القاطنين الدول المتقدمة ليس في حجم الثروة فحسب، لكن على مستوى مصادر الحصول عليها أيضا. فقوانين الشفافية وآلية الوصول إلى الحكم في الدول المتقدمة تضمن قدرة المواطن على محاسبة «الرئيس» في أية مرحلة من مراحل حياته، سواء في فترة حكمه أم بعد تنحيه من سدة الحكم.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2179 - السبت 23 أغسطس 2008م الموافق 20 شعبان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً