تستنفد زراعة القات ما يقارب 70 في المئة من الموارد المائية اليمنية، الأمر الذي ينذر بجفاف أحواض المياه في صنعاء في فترة قريبة لن تتجاوز العام 2015. هذا التحذير نشره موقع الـ «سي إن إن» نقلا عن دراسة رسمية تنذر بأن «زراعة القات (في اليمن) حققت ارتفاعا خلال السنوات العشر الأخيرة، لما نسبته 41 في المئة، ووصل إلى 147,4 ألف طن في السنة،(ما ينذر) بقرب موسم الجفاف المحتوم... وأن معدل الإنفاق على القات في اليمن يصل إلى حوالي 12,5 مليون دولار سنويّا».
وحذر مسئول بوزارة الزراعة والري، خليل المقطري من أن «كمية المياه المستهلكة سنويّا تصل إلى 3,5 مليارات متر مكعب، 93 في المئة منها تصرف في الزراعة، و6 في المئة في الاستهلاك المنزلي، و1 في المئة في الصناعة، فيما تبلغ كمية المياه العذبة المتجددة 2,5 مليار متر مكعب سنويّا».
ويذهب مدير قسم الرَّي ومراقبة المياه بوزارة الزراعة اليمنية عبدالكريم الصاري إلى أبعد من ذلك حين يخبر (إيرين) أيضا أنه «في العام 1997 كانت حوالي 80,000 هكتار من الأراضي مخصصة لزراعة أشجار القات، ثم زادت هذه المساحة العام 2000 لتصبح 103،000 هكتار تقريبا و123،933 هكتارا في العام 2005».
وكثيرة هي الدراسات التي أوردت الكثير من الإحصاءت التي تكشف مدى تفشي القات في صفوف المواطن اليمن، وقدرت بعضها أن «نحو 20 إلى 30 في المئة من سكان اليمن يرتبط نشاطهم الاقتصادي ومصدر حياتهم المعيشية اليومية بالقات، زراعة وإنتاجا ونقلا وتوزيعا وتسويقا».
وفي صنعاء وحدها، هناك من يقول إن زراعة القات تستهلك 3 أمثال المياه المخصصة لاستهلاك السكان. ويبدي أسفه لأن عدة قرارات حكومية أصدرت بين العامين 1972 و 1976 تمنع زراعة القات أو تعاطيه، لكنها جميعا باءت بالفشل نظرا لعدم وجود آلية فعالة لتنفيذها. وليست الدولة هي الوحيدة التي واجهت ذلك المصير، بل عرف الفشل ذاته الكثير من الجمعيات الأهلية التي تأسست لمحاربة القات، ومن أشهرها الجمعية الوطنية لمواجهة أضرار القات التي تأسست 1992، ولها فروع في بعض المحافظات.
وليست المؤسسات اليمنية وحدها هي التي فشلت في مكافحة هذه الآفة فحسب، ففي العام 1973 أدرجت منظمة الصحة العالمية القات ضمن قائمة المواد المخدرة، بعدما أثبتت أبحاث المنظمة، التي استمرت 6 سنوات، احتواء نبتة القات على مادتي «نوربسيدو فيدرين»، و»الكاثين»، المشابهتين في تأثيرهما لمادة «الأمفيتامين.»
وينقل موقع ( يبدو أنه يمني) يطلق على نفسه «ياساتر»، بعض الأرقام الطريفة بشأن القات، لكنها تعكس الكثير من المرارة التي تعتصر قلوب اليمنيين جراء هذه «الآفة». إذ ينشرالموقع أقوال مواطن أدلى بها لصحيفة «26 سبتمبر» الحكومية اليمنية اعترف فيها بأنه أنفق على شراء القات خلال 26عاما أكثر من 11,4 مليون ريال ( الدولار حوالي 200 ريال يمني).
وقد توصل الموظف إلى هذه الإحصائية من خلال حصر أيام خدمته «التي استمرت 26 سنة وشهرين و15 يوما وتساوي بالأيام 9572 يوما وبالساعات 129172 ساعة، واحتسب من هذه الفترة الزمنية فترة الدَّوام الرسمي التي وصل عددها إلى 7180 يوما قضى منها 43080 ساعة بواقع 6 ساعات دواما يوميّا... وقام بإحصاء إجازاته السنوية التي وصلت إلى 870 يوميّا بواقع 30 يوما في السنة التي وصلت بحسب الساعات الى 10920 ساعة بمعدل 14 ساعة دوام في اليوم».
لكن الموقع ذاته ينشر أرقاما توصلت إليها مؤسسسات أبحاث رصينة تقدر معدل ما يشتريه اليمنيون من القات بـ « 300 إلى 500 ريال بواقع 5,1 - 5,2 مليارات ريال يوميا».
هذا على الصعيد المالي، أما على المستوى الزمني فتقدر تلك الدراسات الوقت الذي يهدره اليمنيون في تناول القات بحوالي «20 مليون ساعة عمل في اليوم و7 مليارت و200 مليون ساعة عمل في العام وتصل نسبة متعاطيه من الذكور الى 85 في المئة من إجمالي عدد الرجال في مقابل النساء اللائي يتعاطين القات والمقدرة نسبتهن بـ 35 في المئة من إجمالي الإناث».
وتنهش نفقات القات نسبة عالية من دخل الأسرة اليمنية، هذا ما يكشفه تقرير لمسح موازنة الأسرة الذي أجرته الحكومة اليمنية في العام 1998.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2175 - الثلثاء 19 أغسطس 2008م الموافق 16 شعبان 1429هـ