العدد 2175 - الثلثاء 19 أغسطس 2008م الموافق 16 شعبان 1429هـ

السياسات العرجاء!

عبدالله الملا abdulla.almulla [at] alwasatnews.com

إن ما يجري في مشروع جسر سترة الجديد يستدعي أن نقف عنده لتحليل حجم الضرر الذي سيقع على البيئة البحرية، ومن ثم حجم الضرر على الإنسان سواء الذي يعتمد على البيئة البحرية كمصدر رزق رئيسي، أو ذلك الذي يعتمد على البحر في الغذاء.

بالنسبة إلى الأخير الذي يعتمد على البحر مصدر غذاء فلن يشكل الضرر البيئي عائقا له، فهناك خيارات أخرى متاحة، ولكن المشكلة الأساسية تقع على الصيادين - المحترفين وحتى الهواة - وعلى البيئة البحرية بدرجة أكبر. ولعل التصريحات التي تنشر بين الفينة والأخرى عن القضية خير دليل على جدل واقع لم يحسم بعد، فقد طالب البلديون بأن يكون الجسر الجديد معلقا، إذ يعتمد على دعامتين في بداية الجسر ومثلهما في نهايته، وهذا المقترح سيعطي المنطقة ناحية جمالية كبيرة، وسيجنب البيئة البحرية الضرر الناجم عن الدفان لإنشاء الجسر الثابت. وهذا المثال موجود في بلدان كثيرة، ولعل أبرز مثال لدينا الجسر المعلق في قلب مدينة أسطنبول الذي يربط ضفتيها الآسيوية والأوروبية في مشهد رائع جدا، والجسر مبني منذ سنوات كثيرة.

ولنأتي سراعا إلى جسر سترة، ولعل المار بالمنطقة يدرك حجم الضرر البيئي الذي خلفه الدفان الجائر في المنطقة، فبات الماء آسنا في معظم المناطق التي كانت في يوم من الأيام غنية بالأسماك ومصدر دخل لكثير من صيادي المنطقة.

المشكلة الأخرى أن جسر سترة الجديد أضاف مشكلة أخرى إلى خليج توبلي الذي عانى منذ سنوات من رمي مخلفات الصرف الصحي التي لم تعد محطة مجاري توبلي تقوى على تحملها، بفعل تضاعف العمران وازدياد معدل المخلفات عن الطاقة الاستيعابية، فأخذت تلقي حملها في المياه، وأضحى الخليج محطة مجار مفتوحة، وبات نفوق الأسماك مظهرا مألوفا، كما باتت رائحة المنطقة النتنة رائحة معروفة أيضا لدى الأهالي والمارة.

إن المشكلة التي خلفها جسر سترة الجديد أجبرت الصيادين على الخروج من صمتهم وتنظيم اعتصام على الخليج، وخصوصا بعد أن أعلن عن حظر الصيد في المنطقة خلال هذا الشهر لاتمام عمليات إنشاء الجسر!

إن الحوادث المتلاحقة التي مرت على خليج توبلي، بدءا بتوزيع أراضيه وتحويلها إلى ملكيات خاصة وتدمير البنية البيئية للمنطقة، وانتهاء بإنشاء جسر سترة الجديد، إنما هي مثال للسياسات «العرجاء» التي تنطلق من جهة بعينها، وتطبق عبر هذه الجهة من دون الرجوع إلى الجهات الأخرى ذات العلاقة، ففي الدول المتقدمة يتم إشراك جميع الجهات، وتتم استشارة الناس وأخذ آرائهم، ولكن في البحرين لا نحتاج إلى كل هذا، فلدينا أناس يفهمون في كل شيء، لأنهم وباختصار «سوبرمان»!

إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"

العدد 2175 - الثلثاء 19 أغسطس 2008م الموافق 16 شعبان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً