العدد 2173 - الأحد 17 أغسطس 2008م الموافق 14 شعبان 1429هـ

العراق وثلاثة جيوش مختلفة الولاء

علي الشريفي Ali.Alsherify [at] alwasatnews.com

-

دولة وفيها ثلاثة جيوش رسمية، واحد منها يأتمر بأمر الحكومة، أما الجيشان الآخران فيأتمران بأمر قياداتهما الخاصة.

الدولة هي العراق والجيش الذي يأتمر بأمر الحكومة هو الجيش العراقي، أما الجيشان الرسميان الآخران فهما «البشمركة» الذي يأتمر بأوامر قياداته الكردية، ومعظم فصائل «الصحوات» التي تأتمر بقياداتها السنية.

أمر وجود أكثر من جيش في بلد واحد في منطقة الشرق الأوسط قد لا يبدو جديدا، فلبنان هكذا منذ سنين طويلة، لكن ما يميز الوضع العراقي هو أن جيوش الفصائل والطوائف اللبنانية وسلاحها موجهة ضد كيانات نظيرة مختلفة معها سياسيا أو طائفيا، على العكس من العراق الذي تمثل جيوش الفصائل فيه ندا لجيش الدولة. أضف إلى ذلك، أن الحكومة العراقية هي من تمول أفراد وسلاح كل هذه الجيوش بسبب الضغط السياسي من جهة والضغط الأميركي من جهة أخرى، وهو أمر لم تشهده أية دولة أخرى.

بغض النظر عن أحقية الطوائف والقوميات داخل العراق في الحفاظ على كياناتها داخل البلد، وبغض النظر أيضا عما يقال بشأن اختراق الجيش والأجهزة الأمنية من الميليشيات المسلحة، فإن وجود أكثر من قوة مسلحة داخل البلد الواحد يعد خرقا للنظام وتهديدا لكيان أية دولة.

ما أثار موضوع الجيوش أو الفصائل المسلحة «الرسمية» الموجودة في العراق هو ما تردد عبر وسائل الإعلام عن رفض قوات «البشمركة» الكردية منذ أسبوع تقريبا تنفيذ أمر وزارة الدفاع العراقية للانسحاب من شمال محافظة ديالى المضطربة امنيا، وهو الموقف الذي تم تجاوزه قبل يومين فقط عبر الحوار بين الحكومة المركزية ووفد من إقليم كردستان، لتعلن وزارة الدفاع العراقية أمس أن قوات «البشمركة» باشرت بالانسحاب من محافظة ديالى باتجاه سلسلة جبال حمرين المحاذية لإيران.

إن ما حصل من خلاف بين الجيش العراقي المتاخم لقوات «البشمركة» في مدن خانقين وقرة تبة وجلولاء (شمال ديالى) كان يمكن أن يؤدي الى اقتتال بين الطرفين ينعكس على الوضع الأمني الهش في هذا البلد، وكان يمكن أن يؤدي أيضا إلى حرب قومية قد تجرف معها العراق كله، وتكون مكملة لما حصل من تخندق شبه قومي في 22 يوليو/ تموز عندما مرر البرلمان العراقي قانون انتخابات مجالس المحافظات العراقية من دون موافقة الأكراد، ما أدى الى نقضه من الرئيس العراقي جلال الطالباني ونائبه عادل عبدالمهدي وتأخير تمريره الى ما بعد سبتمبر/ أيلول المقبل.

لا يخفى أن العراق يعيش الآن اصطفافا قوميا لا يقل خطورة عن الاصطفاف الطائفي الذي عاشه منذ بداية الاحتلال حتى الآن، لكن الاصطفاف القومي في العراق قد يختلف عن «الطائفي» في أن هناك غالبية عربية منقسمة تواجه أقلية كردية منظمة مدنيا وعسكريا، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى اصطدامات سياسية وربما عسكرية شبه متكافئة يرفض الضعيف فيها التنازل للقوي أو العكس، وهو أمر قد يحصل في أية لحظة من اللحظات المشابهة التي يعيشها العراق حاليا إذا لم تتدخل الحكومة وتحاول تصحيح أخطاء الأميركان قبل فوات الأوان.

إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"

العدد 2173 - الأحد 17 أغسطس 2008م الموافق 14 شعبان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً