ردت وزارة الصناعة والتجارة على مقال الزميل قاسم حسين المنشور في صفحة «قضايا» تحت عنوان «بين وزير التجارة و(رويترز)»، بتاريخ 15 أغسطس/ آب الجاري، وفيما يلي نص الرد كاملا:
طالعتنا صحيفتكم الصادرة يوم الجمعة الموافق 15 أغسطس/ آب 2008 بالأسف والعجب، بعمود للكاتب العتيد قاسم حسين، ولا بد من التصدي له على النحو التالي:
إن حشر «رويترز» ووزير التجارة « كما أسماه» ونعتقد أنه يعني وزير الصناعة والتجارة، لا نجد أي علاقة بهذا الحشر بما أتى به في الموضوع، فـ «رويترز»، كما هو معروف، تنقل المعلومات العامة والخاصة كما تأتيها؛ لأنها جهاز توصيل للمعلومات، وقد لا يعرف المذكور أن هذه الأرقام يأتي بها الجهاز المركزي للمعلومات؛ لأنها من اختصاصه وليس من اختصاص وزارة الصناعة والتجارة. وهناك أطراف حكومية أخرى تقوم بدورها تجاه التضخم عن طريق تقليص الكتلة النقدية في السوق والنسب المئوية للفوائد وغيرها من مثل هذه الإجراءات، وهي على أي حال ليست وزارة الصناعة والتجارة.
كما أن ادعاء الكاتب بأن الوزير قال إن السوق خالية من الاحتكار أو التلاعب فهذا لم ينطق به، وقول أقل ما يمكن وصفه بأنه خاطئ ومتجنٍ. فما قاله الوزير إن اختصاص الوزارة ليس التحكم في الأسعار، فالبحرين تتبع الاقتصاد الحر إلا أنها تمنع ثلاث أمور أساسية حسب القانون وهي الاحتكار والتواطؤ والغش، وتضع حدا لهما في السوق المحلية، كما أكد الوزير على المستهلكين بالاتصال بإدارة حماية المستهلك على هواتفها العامة أو الخط الساخن (17530096) للإبلاغ عن أي تجاوز في هذه الأمور الثلاثة. فالبحرين كما يعلم الجميع حافلة بعشرات الآلاف من المحلات والبرادات والدكاكين فهل الحل هو وضع مفتش في كل دكان؟ إن هذه المسألة مستحيلة حيث لا يوجد لدى إدارة حماية المستهلك سوى 25 مفتش وليس 15 ألف مفتش، وهذا الأمر ينطبق على الجريمة، فهل المطلوب وضع شرطي في كل بيت لمنعها؟ هذا أيضا أمر مستحيل، فتلوية التعابير ونسبها إلى المسئولين بطريقة خاطئة ومتجنية لا تقوي المقال بل تزيده ضعفا.
ولعلم الكاتب العتيد فإن الحكومة لا تتحكم في الأسعار في ظل نظام الاقتصاد الحر؛ لأن القوانين في البلاد لا تعطيها هذا الحق، ولكنها ومن خلال إدارة حماية المستهلك تقوم بالتأكد، ولا مجال للشك، من أسعار المواد المدعومة وهي اللحوم الحمراء، اللحوم البيضاء (الدجاج) والطحين، وهي تحاول بكل جهدها توفيرها للمواطنين بأسعار مقبولة، فهي الأقل في دول الخليج بل ربما في العالم بأكمله. ولعلم الكاتب العتيد أن كيلو اللحم الأسترالي الذي يباع في البحرين بدينار واحد للكيلو يباع في دول الجوار الأكثر غنى من البحرين بما لا يقل عن دينارين وهذا ما يؤكد حرص الحكومة على إيصال هذه السلعة إلى المستهلكين بأنسب الأسعار.
إن وزارة الصناعة والتجارة لا تستطيع أن تعلق على الأخبار والأرقام التي ترد من جهات أخرى مثل مركز البحرين للدراسات والبحوث؛ لأن هذه الجهة بحثية واستشارية لا تمثل الحكومة، وليس عندها كل الأرقام والوزارة ليست طرفا فيها، كما أن الوزارة لم تقدّر نسبة التضخم في البلاد؛ لأنها ليست من اختصاصها.
إننا نعجب جدا من الكاتب العتيد الذي يقوم باختيار بعض السلع كالمشروبات والسكن وغير ذلك، وهذا طبعا لم تتطرق له الوزارة، ولكن ما يخفى عليه أن نسبة التضخم لا ينظر إليها اختياريا من خلال سلعة أو سلعتين أو حتى عشر سلع، فالجهاز المركزي للمعلومات ينظر إلى سلة كبيرة من السلع يصل عددها إلى أكثر من 1200 سلعة أو أكثر ويزنها حسب مقاييسه الخاصة، علما بأن اللجنة الوطنية لمراقبة الأسعار سبق وأن خاطبت الجهاز المركزي للمعلومات لتقدير هذه النسبة بصورة أكثر دورية حتى تكون الحكومة والمواطنون على علم أكثر بها وهم سوف يقومون مشكورين بذلك، والأمر ليس باليسير. ويبدو أن الكاتب بعيد عن هذه الأمور.
وقد يخفى على الكاتب العتيد أن التضخم في البحرين ربما هو الأقل إن لم يكن الأقل فعلا مقارنة بالدول المجاورة والعديد من الدول القريبة التي تتراوح فيها نسبة التضخم بين 10-20 في المئة، وهناك دول كبيرة قريبة آهلة بالسكان تتراوح فيها نسبة التضخم بين 20-30 في المئة، علما بأن هذه الدول تنتج الغذاء وذات اقتصاديات كبيرة، ولكن يبدو أن الكاتب لا يعرف ذلك، بل ربما يتعمد أن لا يعرف ذلك. فحجم الدول يقلل التكلفة.
وادعاء الكاتب العتيد أن الوزير قال بأن أسعار بعض السلع أرخص في البحرين منها في بلد المنشأ، هو افتراء مردود عليه، فالوزير لم يقل ذلك، بل قاله مورد الخضراوات رضا البستاني، وتأكيده أن الكثير من الخضراوات والفواكه تباع في البحرين بأسعار أقل منها في بلد المنشأ، فيا حبذا لو توخى الحذر ومراعاة الدقة في المعلومات ونسبها لقائليها.
ونؤكد أن ما قاله الوزير في جولاته الأخيرة في الأسواق من أن على المستهلك أن يكون أكثر رشدا ووعيا في اختياراته بحيث ينتقي الأنسب لإمكاناته فهذا قول مبدئي وصحيح، فمثلا إصرار بعض المستهلكين على الرز البسمتي الذي سعره ضعف الرز التايلندي ليس له أي مبرر فسعر الـ 10 كيلو من الرز التايلندي مثلا يقدر بـ5.600 دنانير، في حين أن البسمتي بالحجم نفسه يتجاوز سعره الـ12 دينارا، وللعلم فإن الكثير من الميسورين الآن يتجهون إلى استخدام الرز التايلندي؛ لأن أسعاره مناسبة، وهذا ينطبق على الكثير من السلع التي يستشهد بها الصحافي العتيد.
أما بالنسبة إلى أسعار البرادات الموجودة في بعض المناطق النائية فهي لا تعكس حقيقتها في الأسواق المركزية ومراكز التسوق الكبرى؛ حيث إن أسعارها في هذه البرادات الصغيرة يكون مضافا عليها سعر النقل والعرض والتخزين في هذه المناطق. وكان بودنا أن ينزل الكاتب العتيد إلى السوق ليرى بنفسه الشاحنات التي تتكدس فيها الخضراوات والفواكه بكميات فائضة عن احتياج السوق وبعضها يتلف أو يصدّر، ولا يأتي ويفتي وينظر وهو بعيد عنها.
ونؤكد أن الكتابة الرصينة هي التي تراعي المصداقية والواقعية بعيدا عن التهكم على ما يجري وتقليل الجهود الحكومية والقول إن جولة الوزير سريعة، فهذا يؤكد التجني والافتراء، فجولاته متكررة ومتقبلة من الناس، وإن لم يعرف فليسأل. أما التشكيك في مصداقية وإمكانات الوزير فهذا أمر يتطلب منه التعرف إلى حجم المؤهلات والكفاءة والنزاهة التي عرف بها داخل البلاد وخارجها، ويخبرنا بعد ذلك بعدد كبار المسئولين الذين يحضرون في الأسواق بصورة مستمرة للتأكد من احتياجات المواطنين وتوفيرها بأسعار مناسبة، وكذلك يخبرنا كم مسئولا كبيرا أو صغيرا يوجد في مكتبه في السادسة والنصف صباح كل يوم للقيام بواجبه وتأدية مسئولياته على خير وجه.
وأخيرا لا بد من كلمة للصديق منصور الجمري الذي نتعشم فيه الخير دائما، فنحن نكن له ولصحيفة «الوسط» الكثير من الاحترام والتقدير، فهو يعلم حجم الدعم والمساندة التي قدمت إليه منذ بداية تأسيس الصحيفة، ولكن نأسف جدا ويخيب أملنا عندما نرى في هذه الصحيفة مثل هذه الأطروحات المبتورة والموتورة، التي تشكك في الجهود الحكومية وجهود وزارة الصناعة والتجارة بالذات بدلا من المساعدة والتعاون فيما يتعلق بكل القضايا العامة وهذه القضية الحرجة بالذات، فوضع مقالات وأطروحات تتضمن الكثير من الأخطاء والفرضيات التي لم تقال والتهكم ومحاولة التشاطر، لا تخدم القضية بل تضر بها.
العدد 2171 - الجمعة 15 أغسطس 2008م الموافق 12 شعبان 1429هـ