العدد 217 - الخميس 10 أبريل 2003م الموافق 07 صفر 1424هـ

فهمنا لحقوق الإنسان بحاجة إلى مزيد من التنظير

الميزان comments [at] alwasatnews.com

عندما حضرت مع عدد غير قليل من الناشطين والمفكرين من منطقتنا العربية والاسلامية في مؤتمر فيينا العام 1993 كان واضحا ضعف الطروحات المقبلة من مناطقنا الشرق أوسطية في مقابل الطروحات الأخرى. كانت هناك احدى الأوراق المقدمة من منظمة تحمل اسم الاسلام وهي مليئة بالخوف والمحاذير والحدود والهرب من طرح أفكار يمكن للمسلم ولغير المسلم أن يرى فيها عالمية الاسلام وسبقه في هذا المجال. ولا يلام من كتب تلك الورقة لأنها تعبير صادق عن اسلوبنا التقليدي الهارب والخائف والمتحذر من «الفكر القادم من بلاد الكفر».

ولكي أكون أكثر وضوحا فإننا نخاف عندما تطرح علينا موضوعات مثل حقوق المرأة، المساواة بين المرأة والرجل في مجالات الحياة المختلفة، حرية التعبير عن الرأي للمؤمنين بالدين ولغير المؤمنين به، التعددية الحزبية، الحرية الشخصية، وغيرها من الموضوعات الحساسة والشائكة.

اننا نهرب لأننا نخشى على ديننا ونعتقد أن أفضل وسيلة هي التغاضي أو المبارزة من خلال الدفاع المستميت بصورة شمولية لتحدي تلك الأفكار التي نتصور أنها جاءت من غيرنا. ولكن هذا العزوف لم ينفع ولم يخدم الوجه الحضاري للاسلام الذي كان مفكروه (قبل أن تخرج أوروبا من قرونها الوسطى) يشعّون على العالم بأفكارهم النيرة. لقد جاء الأوروبيون وأخذوا أفضل ما لدى المسلمين من فكر وطوروه. والفكر المنتشر اليوم يحتوي في اصوله على نتاجات انسانية عالمية جاءت من مختلف الثقافات، لا سيما ثقافتنا الاسلامية.

وعلينا أن نعي أن الطرح الحقوقي ليس ملكا لثقافة أو لدولة أو لأمة، وإنما هو نابع من فطرة الانسان الذي كرمه الله وسخّر له الأرض بما فيها وما عليها لخدمته وهو يمارس دوره في تعمير الأرض.

ان ترك موضوع حقوق الانسان من دون تنظير عميق ادى وسيؤدي الى حرمان مسيرة حقوق الانسان العالمية من نتاجات الفكر الاسلامي الذي يقف مع المظلومين والمحرومين والمستضعفين. إنه يؤدي إلى سيطرة بعض الأفكار التي لا تناسب ديننا ولا تناسب الكثير من الثقافات الاخرى في العالم. والموضوع الذي نحاول الهرب منه لم يعد أمرا ثانويا، ولا تستطيع الدول الأعضاء في منطقة الأمم المتحدة التهرب منه. ذلك لأنها جميعا وقّعت على الاعلان العالمي لحقوق الانسان في العام 1948 وهي أيضا وقّعت، من دون استثناء على اعلان فيينا في العام 1993.

وفي حين توقيعها فإن الامم المتحدة ومن خلال آلياتها المتخصصة تقوم بمراقبة ومتابعة احترام تلك الدول لحقوق المواطنين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية وغيرها، والدول الاسلامية جميعها وقّعت على إعلان فيينا بعد مداولات كثيرة.

وما هو مطلوب منا الدخول في الساحة الفكرية العالمية من دون خوف والادلاء بدلونا ولكن ليس بالاسلوب الدفاعي الحالي. وانما بأسلوب منفتح على مفاهيم حقوق الانسان لكي نطور من أنفسنا ونصل الى المستوى الذي يحبه الله لنا.

في هذا العدد نعرض تغطية لانعكاسات توقيع البحرين «اتفاقية حقوق الطفل». وقد اعترضت الدول الاسلامية على واحدة من الحقوق الواردة في الاتفاقية وهي المتعلقة بحقوق التبني، ذلك لان الاسلام لديه وجهة نظر مختلفة عما ورد في الاتفاقية. وقد وافقت لجنة حقوق الانسان التابعة للامم المتحدة على استثناء الدول الاسلامية من هذه المادة. وهذا يوضح لنا ان المسلمين بإمكانهم طرح وجهة نظرهم والعالم يحترمها. لكن ما يحز في انفسنا جميعا هو ان الدول الاسلامية تحتوي على اكثر الدول قمعية في العالم وهذا يخالف الدين وحقوق الإنسان

العدد 217 - الخميس 10 أبريل 2003م الموافق 07 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً