معايير علاوة الغلاء ظل الجميع يلت ويعجن فيها، بعد أن أعلنت رئاسة مجلس الوزراء تخصيص 40 مليون دينار للعلاوة تصرف للمحتاجين منها، بهدف مواجهة الغلاء.
الحكومة ظلت تلت في المعايير ومجلس النواب هو الآخر ظل يلت ويعجن فيها واشتركت معهما بدرجة أساسية وزارة التنمية الاجتماعية في اللت والعجن؛ لكونها الجهة التي من خلالها سيتم تشكيل قوائم المستحقين ومتابعة الصرف. وبعد عمليات من اللت والعجن توصل الجميع إلى الخلطة السحرية التي من خلالها سيتم تطبيقها على الجميع لتشكيل القوائم المستحقة لعلاوة الغلاء.
النتيجة المؤسفة أننا وصلنا إلى شهر أغسطس/ آب وبعد أربعة أشهر تنتهي السنة والغلاء مستمر، وعلاوة الغلاء التي من أهدافها الرئيسية مواجهة الغلاء لم تصرف بعدُ بالكامل للجميع، بل المؤسف حقا أننا لم نعِ ولم نلتفت إلى أن المعايير التي وضعت والتي اعتمدت من قبل الجميع قد اسقطت فئة جِدُّ مهمة وجِدُّ حساسة ولا تقل حاجة إذا لم تزد على غيرها من الفئات الأخرى التي نقر بكونها محتاجة إلى علاوة الغلاء، فضلا عن أن هناك أعدادا قد صرفت لهم العلاوة سابقا ومن المؤكد أنهم ليسوا بحاجة إليها ولا تنطبق عليهم الشروط وسيتضح ذلك بعد عمليات التنقيح التي ستقوم به اللجنة المختصة المنبثقة من وزارة «التنمية» ونتمنى ألا تكون أعدادها بالآلاف.
الفئة التي أشير إليها عبر مقالي هذا هي الفئة التي ملئت بها مركز التظلمات الأحد الماضي وهي المسنون وكبار السن بحجة أنهم غير محتاجون للعلاوة؛ لكونهم معالون من قبل أهاليهم وكونهم ليسوا أرباب بيوت وأسر. لا أظن أن هذا الكلام دقيق وصحيح؛ لأن ليس بالضرورة أن يكون كبير السن لديه من يعوله أو أنه يعيش بين أهله، فهناك الكثير من كبار السن من يعيشون لوحدهم بلا عائل وبلا كفيل ووزارة «التنمية» تعرف ذلك أكثر من غيرها من الوزارات، والمفترض أن تكون كذلك؛ لأنها تباشر صرف المعونات الاجتماعية لهم، وبالتالي اسقاطهم من علاوة الغلاء بحجة أنهم كبار في السن ويعيشون مع أهاليهم غير منطقي ويؤكد أن المعايير التي صيغت لا تشمل كل الفئات المستحقة بل أسقطت من هو في أمسّ الحاجة للعلاوة.
ومجرد أن أقول إن لا أسرة لديه لا يكفي لأن أسقطه من العلاوة فيكفيه أنه لا يعمل ولا مدخول لديه وهو بدوره يتعرض للغلاء، ويحتاج لعلاوة لكي يعيش منها. فهل الغلاء سيكون رحيما بمثل هؤلاء ولن يقرصهم بناره التي حرقت الجميع؟
مؤسف جدا أننا - بعد أن انتظر الجميع العلاوة وبعد أن ذل من ذل وأهين من أهان، أن ننسى فئة قد تكون أكثر حاجة للعلاوة من غيرها، فالذي راتبه يقل عن 1500 دينار يستحق العلاوة والذي لا مدخول له يظل محروما من العلاوة؛ لكونه وحيدا ولا أسرة له فقط، أو أنه يعال من قبل أهله. كان الأولى أن تصرف له العلاوة حتى لا يشعر بأنه بالفعل عالة على أهله إذا كان يعيش مع أهله، وأن تصرف له ليعيش منها إذا كان وحيدا، لا أن نتخلى عنهم فقط لكبر سنهم.
لقد تأثرت كثيرا بما نقلته الصحافة المحلية بعد فتح باب التظلمات وخصوصا اليوم الأول وكان المنظر العام هم كبار السن يكتسحون المراجعين وتأثرت أكثر بتصريح أحدهم عندما قال: «صبري يا حريقة سار لما يجي الماي من الحنينية» عندما تظلم وكان الرد حينها: لا علاوة إليك لأنك بلا عمل وتعيش لوحدك بلا أسرة وبلا أبناء وبلا مدخول لأنك لست رب أسرة. للعلم أنه يعيش في منزل بقية حياته استؤجر له من قبل أهالي القرية، والحكومة لا تريد أن تصرف له علاوة الغلاء ليعيش منها! أمر محزن حقا أن ننسى هذه الفئة وهي الخير والبركة في كل بيت والخير والبركة في كل قرية ومدينة. والزمن غدار.
أظن أن علينا الالتفات ولو بشكل متأخر لمثل تلك الحالات والعمل على صرف العلاوة لهم. يا جماعة الخير نحن لا نتكلم عن علاوة مجزية نحن نتكلم عن علاوة تقدر بـ50 دينارا فقط فلا نعقد الأمور أكثر من اللازم. وصدقوني لولا الحاجة لما صار هناك تفاعل كبير معها فهي لا شيء أمام ما يعانيه الناس من فقر وحاجة، ونحن بخير ووضعنا الاقتصادي جيد وأحسن من غيرنا مئات المرات، والدول الأخرى لا تبخل على مواطنيها بشيء والعلاوات والزيادات تنهال عليهم، ونحن فقط نراقب من حولنا ونتمنى اليوم الذي نعيش فيه مثل غيرنا من الدول الخليجية.
وكلما اقتربنا خطوة حمدنا الله كثيرا عليها، ولسنا ناكرين للنعمة ولله الحمد تحقق لنا الكثير من الإنجازات على يد جلالة الملك، ونطمح في المزيد منها، ولا عيب في أن نكون طموحين وجلالة الملك يعدنا بالأيام الجميلة التي لم نعشها بعدُ.
إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"العدد 2169 - الأربعاء 13 أغسطس 2008م الموافق 10 شعبان 1429هـ