قائمة القضايا التي تشكل محاور للسجال بين المتنافسين على كرسي الرئاسة الأميركية طويلة ومتنوعة، تبدأ بموضوعات مثل حقوق الشواذ والمثليين، الإجهاض، وتعرج إلى مسائل مثل التعليم، وغالبا ما تتوقف عند القضايا الإستراتيجية المهمة مثل الأوضاع الإقتصادية والسياسة الخارجية والطاقة. ونظرا للنفوذ الذي تتمتع به الولايات المتحدة على الصعيد العالمي، فغالبا ما نجد التداخل بين تركيز اهتمامات المتنافسين على كرسي الرئاسة بين الموضوعات الداخلية وتلك الخارجية. ويزداد هذا التداخل عمقا بقدر ما يزداد حضور وتأثير العامل الخارجي في الأوضاع الداخلية.
وفي إنتخابات العام 2008، يتصدر الملف الاقتصادي قائمة تلك الاهتمامات ويكتسب وضعا خاصا في الحملات الانتخابية الرئاسية الحالية في الولايات المتحدة، وذلك نظرا للأزمات الإقتصادية البنيوية التي يعاني منها الاقتصاد الأميركي، والناجمة أساسا عن السياسات المالية والنقدية التي اتخذتها الحكومة الفيدرالية الحالية. هذا الأمر هو الذي يفسر اهتمام وتركيز كلا المرشحين: الديمقراطي أوباما والجمهوري ماكين، في حملاتهما الانتخابية على الترويج للآليات التي سيضعها كل منهما لمواجهه هذه الاختلالات. بالقدر ذاته، وعلى نحو مواز برز النفط، أو بالأحرى الطاقة محورا من المحاور الإستراتيجية في الحملات الإنتخابية التي ترتفع سخونتها مع اقتراب المرحلة النهائية منها. هذا ما أشار إليه بوضوح موقع تقرير واشنطن (http://www.taqrir.org/showarticle.cfm?id=1039 ) حين اعتبر بروز موضوع النفط على ساحة المنافسة الانتخابية «من أهم الموضوعات إلى تؤرق المواطن الأميركي والتي ستساعد على تدعيم موقف أيهما (المترشحين) فى استطلاعات الرأى». ويرى الموقع أن أهمية موضوع الطاقة يعود إلى «تقاطعه مع العديد من الموضوعات الأخرى المهمة بالنسبة إلى الناحب الأميركي، فارتفاع أسعار الوقود أدى إلى ارتفاع كبير فى أسعار المواد الغذائية وارتفاع كلفة النقل، بالإضافة إلى أن اعتماد الولايات المتحدة على مصادر خارجية لتزويدها بالطاقة أضحى أمرا مهما فيما يتعلق بالأمن القومى لها».
ولابد لنا هنا من العودة إلى شهر يونيو/ حزيران الماضي حين أكد جون ماكين في خطاب له يوم الأربعاء (الموافق 25 يونيو/حزيران 2008) «أنه سيضع - في حال فوزه - الولايات المتحدة على طريق تخليص نفسها من الاعتماد على النفط الأجنبي بحلول العام 2025، متعهدا «بكسر نفوذ أوبك» على الأميركيين، مؤكدا أنه بداية من ولاية الرئيس القادم يجب أن نسيطر على مستقبلنا في مجال الطاقة، ونصبح مرة أخرى سادة مصيرنا، مضيفا أنه سيحقق هذا البلد (أميركا) اكتفاء ذاتيا استراتيجيا بحلول 2025».
هذا الموقف الصريح من قبل الجمهوريين بشأن الطاقة، واجهه موقف أشد من قبل الديمقراطيين حين شن أوباما هجوما قويا على خطط ماكين في مجال الطاقة، إذ قال: «إن عمليات التنقيب عن النفط قبالة السواحل الأميركية، ستستغرق وقتا طويلا جدا وستخلف عواقب سيئة على البيئة». ومضى أوباما أبعد من ذلك حين قدم خطة بديلة تهدف إلى تخفيض الاعتماد الأميركي على النفط المستورد بما لا يقل عن 35 في المئة بحلول 2030.
ولم تتوقف المعارك بينهما عند هذه الحدود ففي الخامس من أغسطس/آب الجاري ركز أوباما على خطته في مجال الطاقة من دون أن يتردد في اتهام منافسه الجمهوري جون ماكين بالتبعية للشركات النفطية الكبرى، مشيرا إلى أن ماكين تلقى مليوني دولار هبات من الشركات النفطية لتمويل حملته الانتخابية. كان ذلك ردا مباشرا على الإعلانات الدعائية الجمهورية الساخرة منه.
ويولي أوباما اهتماما متزايدا، ويبذل جهودا ملحوظة للترويج لخطته التي تقضي بتطوير مصادر بديلة للطاقة وتطوير السيارات المهجنة ومساعدة المستهلكين على دفع الأسعار الأعلى برد مدفوعات ضرائب قيمتها ألف دولار لكل اسرة على أن تدفع من أموال الضرائب على الأرباح الزائدة التي جمعتها شركات الطاقة.
رد ماكين على تلك الاتهامات بحديث إعلامي موسع أراد من ورائه، هو الآخر، الترويج لخطته لمكافحة ارتفاع أسعار الطاقة عن طريق توسيع التنقيب عن مصادر تقليدية مثل الطاقة النووية والتنقيب عن النفط في البحار. ودعا ماكين إلى إنشاء 46 محطة نووية جديدة بحلول العام 2030 وتوسيع عمليات استخراج النفط في البحار في محاولة لتقليل الاعتماد على المصادر الأجنبية للنفط.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2167 - الإثنين 11 أغسطس 2008م الموافق 08 شعبان 1429هـ