مضت أيام على تقدم آلاف المواطنين بتظلماتهم إلى وزارة الشئون الاجتماعية للحصول على علاوة غلاء المعيشة، بعد أن تم صرفها أخيرا للدفعة الثالثة، ولا أدري إذا ما شعرت الحكومة أنها قد وقعت في خطأ في معالجتها لمشكلة الغلاء بهذه الحلول السطحية التي لم تكن عملية على الإطلاق بحسب ما يبدو، فهي تظل حلولا على المدى القصير، ثم أن الحل الأخير في صرف العلاوة التي لم تصل إلى آلاف الأسر المستحقة حتى الآن ربما أخل بالأهداف المعلنة لهذه العلاوة إلى حد ما، كما ظهر سوء في التخطيط، الأمر الذي بدا واضحا بغياب المعلومات الدقيقة في ظل حديث عن حكومة إلكترونية إضافة إلى نقص الموازنة قبل الصرف لنصف المستحقين تقريبا.
ولا نعلم ما إذا كنا سنخرج من دوامة المستحقين من غير المستحقين والانتهاء من صرف العلاوة للجميع، لكني أعتقد أن الحكومة سترى مع نهاية اليوم أنها كانت في تجربة لها مآخذها الكثيرة في معالجة مشكلة غلاء المعيشة، وربما عليها الآن البحث عن وسائل أخرى أكثر جدوى، وذلك ما لجأت إليه عدد من دول مجلس التعاون الخليجي.
ربما لن يكون من المجدي الحديث عن تثبيت أو مراقبة أسعار بعض السلع كما فعلت بعض الدول المجاورة، فوزارة التجارة قالت مرارا وتكرارا إن السوق البحرينية سوق مفتوحة وحرة وتحكمها المنافسة وعوامل العرض والطلب، وإن دور الدولة يقتصر على مراقبة الممارسة التجارية في البيع ووقف حالات الغش والتآمر والاحتكار وغيرها من الجرائم التجارية.
وقد يكون الوقت مناسبا للحديث عن توسيع دائرة الدعم الحكومي للسلع أو إعادة طرح ملف الكوبونات أو بطاقات التموين، فالحليب والسكر والرز كلها مواد لا تدخل ضمن قائمة السلع المدعومة حكوميا فيما تدعمها دول في مجلس التعاون مثل السعودية التي تدعم الرز وكذلك سلطنة عمان. وعلى رغم أن للدعم المباشر عيبوبه مثل وصول أموال طائلة من الدولة إلى مؤسسات وشركات ربحية أو أغنياء هم عمليا ليسوا مقصودين من الدعم، فإنه قد يكون أسرع حل قبل البحث عن حلول طويلة المدى.
المواطن بعد أن تستنفد منه أموال علاوة الغلاء سيطالب بلاشك بالمزيد، وربما تفريق الأموال لن تكون سياسة مجدية على المدى الطويل، فيجب البحث عن حلول ناجعة تتعلق بتعديل تشريعات تحد مثلا من المضاربة في الأراضي، وتوفر إيجارات أقل، وتشجيع الصناعات الغذائية، والزيادة التدريجية للأجور لموظفي القطاعين الخاص والعام.
إقرأ أيضا لـ "علي الفردان"العدد 2166 - الأحد 10 أغسطس 2008م الموافق 07 شعبان 1429هـ