وكأنه التحذير الأكثر أهمية بالنسبة إلى المواطنين! ففي أكثر من منتدى إلكتروني ومواقع للدردشة المحلية، انبرى أحد الشباب الغيورين على مصلحة “الوطن والمواطن” ليحذر الناس من كاميرات ضبط السرعة بالرادار، ويحدد مواقعها بالضبط وربما كان مصيبا في أوقات تشغيلها، ليتجاوب معه آخرون بالتثنية على كلامه وتحذيره، وزيادة للبركة والخير، لابد من شتم الكاميرا وشتم رجال المرور، بل وشتم الحاضر والغائب، من علم بالتحذير، ولم يعمل به، وضبطه الرادار مسرعا فوقع في الفخ.
أما الفئة الثانية، فهي فئة المشاركين المعترضين على هذا التحذير، الذين صاغوا تحذيرا في قالب آخر مضمونه أن على المتهورين من السواق، وخصوصا الشباب، أن يحذروا من السرعة التي أفنت الكثير من الشباب في عمر الزهور، وأن يكون التحذير الحقيقي نابعا من حرص على سلامة السائق وسلامة مستخدمي الطريق، وليس التحذير من كاميرا ضبط السرعة وكأنها شر مستطير سيلحق الأذى بالسائق الملتزم والسائق المتهور على حد سواء.
في الأيام القليلة الماضية، فقدنا ثلاثة شبان، اثنان منهما بحرينيان في العشرين من العمر، أحدهما من قرية البلاد القديم والثاني من قرية عراد، والثالث خليجي توفي فجر يوم الجمعة قبل الماضي، وأصيب في الحادث الذي وقع على شارع جابر الأحمد الصباح في التقاطع المؤدي الى سترة أربعة أشخاص...
ذلك التحذير الأهوج الذي يدل على صغر عقل بعض الشباب المتهورين من يعرضون أنفسهم وغيرهم لخطر الموت، يكشف عن حقيقة مؤلمة، وهي أن الكثير من السواق، وخصوصا قليلو الخبرة منهم، لا يمكن أن يرتدعوا إلا بتوقيع العقوبات المشددة عليهم حال تكرار مخالفات السرعة، وأن المشكلة ليست في الرادار ولا كاميراته، بل في تلك العقليات التي لا ينفع معها حملات توعية ولا يحزنون، بل لا يردعهم سوى تطبيق القانون عليهم وعلى غيرهم من يغامرون بأرواحهم وأرواح الناس.
مع شديد الأسف، هناك من يجري مقارنات لا منطقية حينما يعبر عن امتعاضه الشديد لوجود الدوريات وكاميرات ضبط السرعة على الشوارع الرئيسية، ويعتبرها شكلا من أشكال المضايقة على المواطنين، وفي الوقت ذاته، يعود ليطالب بالدوريات في حال وقوع حادث قريب من منزله!
ولأولئك الذين وجدوا أن من الأمانة والمسئولية تحذير بعضهم بعضا من كاميرات السرعة، الذين نتمنى لهم وللجميع السلامة والأمان، نذكرهم بإحصاءات العام الماضي (2007) التي تشير الى أن معدلات الوفاة بين المواطنين نتيجة الحوادث المرورية، والسرعة على أعلى قائمتها، بلغت 87 حالة وفاة تركزت أعلى نسبة وفيات منها في أوساط الفئة العمرية من 20 إلى 29 عاما، وعدد المتوفين من هذه الفئة 20، وهناك 19 حالة وفاة سجلت بين الفئة العمرية من 10 إلى 19 سنة.
ترى، أيهما أهم: التحذير من كاميرات ضبط السرعة؟ أم التحذير والتذكير بالشباب والناشئة والأطفال في عمر الزهور ممن راحوا ضحية للسرعة القاتلة وتركوا في قلوبنا حسرة؟
إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"العدد 2165 - السبت 09 أغسطس 2008م الموافق 06 شعبان 1429هـ