في الآونة الأخيرة بتنا نشاهد تعدد مواثيق الشرف التي تسعى أطراف من خلالها لإضفاء نمط ما من العمل بطريقة توافقية مرضية تخدم المجتمع، تقدم له المفيد بعيدا عن أية صراعات أو مهاترات قد تنعكس بالسلب على تلك العملية وعلى وظيفتها المجتمعية.
لست ضد مواثيق الشرف، إلا أنني دائما ما أسأل عما بعد تلك المواثيق الكثيرة التي لم تفعل شيئا حتى الآن لمجتمعنا البحريني.
وقع بعض الصحافيين من قبل على ميثاق شرف أطلقته جمعية الصحفيين بعنوان «صحافيون ضد الطائفية»، فهل توقفت الطائفية في صحفنا المحلية؟ وهل توقفت تلك الأقلام عن تأجيج المواقف وخلق الزوابع للتحريض على أطراف أو جماعة أو فئة معينة؟
يكذب على نفسه من يقول إن ميثاق جمعية الصحفيين أتى بثماره، وقلتها من قبل إن ولادته ميتة لأن التطبيق سيكون صعبا في ظل وجود بنود غير ملزمة وغير فاعلة وغير صادقة في ذاتها وحتى على مستوى مطلقيها، إلا أنها جاءت ضمن احتفاليات اليوم العالمي لحرية الصحافة، والذي يستوجب إيجاد شيء جديد حتى لا يمر هذا اليوم كغيره.
في هذه الأيام هناك لقاءات واجتماعات بين مدونين وكتاب وأصحاب مواقع ومنتديات إلكترونية للتوقيع على ميثاق شرف يبعد هذه المواقع عن الطائفية وما وصف بـ «صنع الكراهية»، الفكرة جيدة ولكن السؤال ماذا بعد التوقيع؟ وكيف ستتم عملية تنفيذ بنود الميثاق وتطبيقه على أرض الواقع؟ وهل سيكون كسوابقه للبهرجة الإعلامية؟ ومن ثم للمقبرة سريعا لدفنه والترحم عليه.
كل مواثيق الشرف في خارج هذا البلد أو حتى داخله عندما تخرج من صفة الإلزام والتطبيق تفقد فاعليتها وعندئذٍ لا تعدو كونها حبرا على ورق.
ميثاق الشرف لدى كل إنسان في داخله مع ذاته في أسلوبه واعتقاده وفهمه وتفكيره، لا على أوراق غير ملزمة، هناك كتاب صحافيون طائفيون وقعوا على ميثاق «صحافيون ضد طائفية» ليس لأنهم تغيروا أو سيتغيرون بل لأنهم بحاجة إلى غطاء يحميهم وقت الحاجة، فكذلك المواقع الإلكترونية والمدونون والمنتديات ستوقع ولكن لن تقف عن إيقاعها الذي أنشئت من أجله.
مواثيق الشرف دائما ما توجد بين الكيانات التي يمكنها أن تقصى وتعاقب وينذر أعضاؤها، وبالتالي فإن هذه المواثيق قادرة على محاسبة أعضائها عند مخالفتهم لبنود هذه المواثيق، وعلى سبيل المثال ميثاق الأطباء أو المحامين وغيرها تؤدي إلى طرد المخالفين، وفي بعض الدول لإخراجهم من المهنة عندما تكون النقابة فاعلة وقوية.
في بلدنا مواثيقنا للعرض فقط لا للتطبيق لأنها تفتقد لأهم ميزة وهي الكيان الجامع القادر على المحاسبة في حال المخالفة، وبالتالي فإن ما نشهده من مواثيق لا تتعدى عتبة الاستعراض الإعلامي وخلق الإنجازات لأشخاص بعينها وهذا ما شهدناه خلال المرحلة الماضية من التقاتل على من جاء بالفكرة، أكثر من الحرص على تفعيل الفكرة وقدرتها على تحقيق الهدف، وبالتالي حكم على هذه المواثيق بالموت قبل الولادة.
إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"العدد 2164 - الجمعة 08 أغسطس 2008م الموافق 05 شعبان 1429هـ