«لقد كان لى حظ الإقامة في القرى الأولمبية منذ دورة ألعاب المكسيك العام 1968، ولم أر قط قرية مثلها. إنها متميزة حقا». كان ذلك رأي رئيس اللجنة الدولية الأولمبية جاك روغ بشأن تنظيم دورة ألعاب بكين 2008. وقال روغ في أول مؤتمر صحافي له في بكين. يذكر ان القرية الأولمبية، التي افتتحت يوم 27 يوليو/ تموز، «تمثل مجمعا على مساحة 66 هكتارا يتسع لـ 16 ألف رياضي ومرافقيهم، وإنها بكل المقايس، وخصوصا بالنسبة إلى الرياضيين، تعد القرية الأفضل من نوعها على الإطلاق».
جاءت هذه الإشارة إلى بكين في سياق دفاع روغ عن تعملق الأكلاف التي تتكبدها الدولة المضيفة، ويأتي ذلك في خضم الجدل بشأن كلفتها الباهظة. وأوضح روغ في حديث أدلى به لوكالة «فرانس برس» أن تلك الأكلاف تتوزع على ثلاثة بنود تخصص الأولى للجوانب العملياتية، والثانية لتشييد البنية التحتية، والثالثة تغطي الجوانب الخدماتية من مطارات وطرق يستفيد من خدماتهامواطنو تلك الدولة. وكما يبدو فقد تحوّلت الأولمبيادات إلى مشاريع تجارية باهظة الثمن تصل كلفتها إلى مليارات الدولارات. فقد كلّف أولمبياد 2004 في أثينا أكثر من 6 مليارات دولار. كما ارتفعت كلفة أولمبياد 2012 في لندن خلال 3 سنوات من 4,8 مليارات دولار إلى 18 مليارا. وخطّطت روسيا لصرف 12 مليار دولار على الأولمبياد الشتوي 2014 في سوتشي.
من جانبها أكدت السلطات الصينية أن الكلفة الإجمالية لاستضافة العاصمة (بكين) دورة الألعاب الأولمبية التي تنطلق فعالياتها يوم الجمعة المقبل لم تتجاوز أربعة مليارات دولار. وقال نائب الأمين العام لحكومة بكين المحلية ليو تشي «أن النفقات التي كلفتها تطوير البنية الأساسية بالعاصمة أقل بكثير من المبالغ التي توقعها المحللون والتي وصلت إلى 20 مليار دولار في بعض الأحيان». واستثنت بكين الإستثمارات المخصصة لبناء قطاع النقل من تكاليف الأولمبياد موضحة أن إنشاء ثلاثة خطوط جديدة للمترو وإضافة ممر ثالث في المطار تكلفت 26 مليار دولار وهي مشاريع كانت ستنفذ عاجلا أو آجلا.
وكما يبدو، كان تشي يشير إلى دراسة قامت بها شركة ستاندرد أند بورز الإستشارية، توقعت فيها ان تصل كلفة الألعاب الأولمبية في بكين إلى 20 بليون دولار. وتوضح الدراسة أن كلفة المرافق الرياضية لم تتخط 1,8 مليار دولار، بينما كانت الأرقام الكبيرة من نصيب انشاءات البنية التحتية وورشها مثل الطرق السريعة والدائرية والمطار وخطوط المترو ومحطاته. وقد أشارت وكالة «تشين هوا» للأنباء أن الصين تنوي إنفاق حوالي 39 مليار دولار كلفة البنى والتجهيزات التي ستقيمها تحضيرا للحدث.
وكما تتحدث المصادر الصينية فإن أحد أسباب التوفير في الكلفة، هم مساهمة ما يربو على مليون شخص أبدوا إستعدادهم، وقدموا طلبات للعمل التطوعي معظمهم من الصين، إلى جانب 400 ألف متطوع مدني آخر جنّدتهم اللجنة المنظمة لمساعدة الزائرين من مشاركين وزوار. هذا وتقوم اللجنة التنظيمية لأولمبياد بكين بالأعمال التحضيرية بشكل شامل بدعم من الحكومة والشعب حسب خطة «بكين جديدة.. أولمبياد عظيمة» والأفكار الثلاثة الكبرى «أولمبياد خضراء وتكنولوجية وإنسانية».
لكن لابد من الإشارة هنا إلى أنه لاينبغي النظر إلى إستضافة الأولمبياد على أنه مصدر للإنفاق فحسب، فقد درت أولمبياد بكين ودورة الألعاب الأولمبية الشتوية التي جرت في إيطاليا في العام 2006 نحو 4,4 مليارات دولار من خلال صفقات الحصول علي حقوق الاستغلال والرعاية. وتمتد عقود ما يطلق عليهم «الشركاء الكبار» لأربع سنوات على الأقل لتشمل الدورتين الشتوية والصيفية. ولدي اللجنة الأولمبية الدولية 12 راعيا عالميا يدفع كل منهم ما يصل الي 100 مليون دولار ومن بينهم «كوكا كولا» و»جنرال اليكتريك» التي تمتلك شبكة «إن بي سي يونيفرسال» صاحبة الحقوق الحصرية للنقل التلفزيوني للأولمبياد في الولايات المتحدة.
كذلك لا تنحصر الإستثمارات في إعداد المدن لهذه المناسبة فحسب، ذلك أن بعضها يتم الإتفاق عليه ضمن خطط مستقبلية لتطوير المدن الأولمبية ذاتها. وفي حال أولمبياد بكين، ستستثمر حكومة الصين حوالي عشرة مليارات دولار في تنمية السياحة في السنوات الست المقبلة لتصبح مدينة سياحية دولية كبرى.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2160 - الإثنين 04 أغسطس 2008م الموافق 01 شعبان 1429هـ