بادئ ذي بدء، فإنه لا شك في احترامنا للموقعين على ميثاق الشرف الصحفي، إلا أنني لم أوقع على «الميثاق».
توسيع دائرة المقدس في الدولة بتكميم الأفواه هو نكوص للديمقراطية وحرية الرأي والتعبير في البحرين! وليس من أساس دولة القانون والمؤسسات، وهي دولة ككل الدول الديمقراطية، أن تتوسع سلطاتها وهيئاتها النظامية وتحيط نفسها بجدار القداسة المحرم!
إن كنا قد أثرنا الموضوع من إحدى الزوايا فلا يعني ذلك السعي للتأثير على الرأي العام، أو نجعل من صفحات الصحف ساحة بديلة للمحاكم! ثم إن رد النيابة العامة المنشور بتاريخ 30 يوليو/ تموز 2008 تضمن عبارات: «لا يجوز للصحيفة... لا يجوز للصحفي...»، يا ترى من الذي يقرر ما يجوز وما لا يجوز؟
إن ما تناولناه بالنقد، في الأسبوع الماضي، هو إجراء إداري قامت به النيابة العامة، وهو حفظ الأوراق، وليس عملا أو قرارا قضائيا. وفي كل الدول الديمقراطية فإنه من المباح توجيه النقد إلى الإجراءات الإدارية، بل إنه يتم التعليق على أحكامها القضائية في الصحافة... وإلا لما تطور الفقه، ولما تمت إعادة صوغ الكثير من القوانين ومراجعة القرارات والأحكام القضائية، بل والحكم بنقضها أو نقيضها في أوقات لاحقة! ثم ما هو النص القانوني الذي يحظر التعليق على أعمال الهيئة القضائية؟!
في كل الدول الديمقراطية فإن واجب الصحافة رقابة ونقد كافة مؤسسات المجتمع؛ وإلا اعتبر الصحافي متقاعسا عن أداء واجبه وتأدية رسالته. ولذلك تُعد الصحافة هي السلطة الرابعة في كل دولة ديمقراطية موازية للسلطات الثلاث؛ التشريعية، التنفيذية والقضائية.
وحينما تطرقت في المقال المذكور إلى «أن النيابة لا تتشطر إلا على الصحفيين»، لم يكن ذلك إلا من باب النقد المباح، وخوفا على سمعة بلادي البحرين، التي أصبحت في مراتب متأخرة في الحريات الصحافية، بحسب تقارير المنظمات الدولية، وأحد المعايير لتلك المنظمات كثرة جرجرة الصحافيين من قبل النيابة العامة! وهل من يحرص على سمعة بلاده في المحافل الدولية يتم نعته بأنه يسوّد صحيفته؟!
في كل الدول الديمقراطية لا يتم التلويح من قبل الهيئات القضائية بالانتقام من الكتاب أو الصحافيين، بل مناط بتلك الهيئات تطبيق القوانين. وعلى رغم ذلك فإننا نؤكد توقيرنا للنيابة العامة إذ هي الجهاز المنوط به مسئولية حماية المجتمع؛ ونحن كصحافيين أيضا مناط بنا الدفاع عن حقوق الناس وحرياتهم العامة. أين المعاهدات الدولية (ذات الشأن) التي وقعتها مملكة البحرين؟
«عطني إذنك»...
لنتعاون جميعا في إنجاح المشروع الوطني لجلالة الملك.
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 2158 - السبت 02 أغسطس 2008م الموافق 29 رجب 1429هـ