يُدخل شهر رمضان المبارك كلما حل علينا تعديلا على «أجندة» الناس أفرادا وعائلات، فتصبح المسلسلات التلفزيونية في قائمة الأولويات الرمضانية، بحيث يرتبون جداول معينة لمتابعة المسلسلات تمتد من بعد الفطور حتى وقت السحور، بمعنى آخر هم لا يتركون مسلسلا تلفزيونيا محليا أو خليجيا أو عربيا يعتب عليهم، بل يصبح شغلنا الشاغل مسلسلات في مسلسلات، وتدخل القنوات الفضائية سباقا محموما في سبيل اجتذاب أكبر حصة ممكنة من المشاهدين الملتصقين بشاشاتهم إليها، وذلك من خلال برامجها ومسلسلاتها التي تزعم أنها «مختلفة» عن القنوات الأخرى مع أنها ليست كذلك.
«لا ندري ماذا نشاهد»، هذه مقولةٌ يردّدها الكثير من المشاهدين في رمضان، ذلك لكون ثمة زحمة درامية هائلة في رمضان، فالكثير من الأعمال، تعرض في وقت واحد على قنوات مختلفة، ولا يدري المشاهد أي شيء يدله على ما يميز عملا عن غيره ليتابع هذا ويترك ذاك، وكم يتعب «الريموت كونترول» بين الأيادي اللاهثة خلف الجديد والممتع والمتميّز. غير أن للمشاهدين طرقا مختلفة في حل هذا الإشكال ونحن هنا لسنا بصدد حصر هذه الطرق، وإنما بصدد طرح عدد من الأسئلة بشأن تحول شهر رمضان من شهر عبادة إلى موسم للمسلسلات الدرامية والأعمال الفنية عموما.
لماذا تحول الصائمون يا ترى في وقتنا الحالي إلى التلفزيون كوسيلة تسلية أولى في رمضان؟ هل بات التلفزيون طقسا رمضانيا لا نحيد عنه، ولا نرضى عنهم بديلا؟، علما بأنه لا يبدأ الحديث عن شهر رمضان والتلفزيون في رمضان، وإنما في شهر رجب حيث تكون الفضائيات مشغولة «بضربة الموسم» التي تعلن عنها بصورة تثير الحماسة والترقب، من حين إلى آخر، كما يبدأ الناس من جانبهم بالتأهب للفرجة التلفزيونية التي تبشّر باختلاف أكيد، عما يعرض في شهور السنة الأخرى، حتى اقترن شهر رمضان في أذهان الناس وقلوبهم ووجودهم بالتلفزيون.
الشعوب العربية خلال هذا الشهر الكريم، تبقى منقسمة إلى ثلاثة أحزاب، دعونى استعرضهم حزبا حزبا.
حزب المتدينين: وهذا الحزب لا يتفرج على التلفزيون طوال الشهر الكريم إذ يتفرغ للعبادة والصوم والصلاة.
حزب المعتدلين: هذا الحزب هو الحزب الذي يؤدي فروضه ويشاهد التلفزيون والمسلسلات بشكل معتدل، ثم يقوم بفروض آخرى كالزيارات الاجتماعية... هذا هو الفريق الذي انتمي إليه شخصيا.
حزب الضائعين: هذا الحزب، شهر رمضان عندهم صيام الصبح أو حتى صيام مع نوم الصبح عشان الحر ومن الفطور حتى منتصف الليل تلفزيون من قناة لقناة وبعدها خيم رمضانية وإلى آخره.
الاعتدال يجب أن يكون سائدا... ولكنني أعتقد أنه غير ممكن في الوقت الحالي فالغالبية مولعة بشكل غريب بالمسلسلات، حتى وإن كانت غالبيتها تحمل مضامين متكررة سئمنا من متابعتها في الأعوام الماضية؟!
العدد 2158 - السبت 02 أغسطس 2008م الموافق 29 رجب 1429هـ