لو أنّ الخطأ الفني الذي تسبب في فتح المواقع الإلكترونية التي تمنعها وزارة الإعلام على مستخدمي شبكة « بتلكو» يستمر لكان بالفعل أحد الأخطاء المحمودة في البحرين. فالمواقع الإلكترونية الحقوقية والسياسية والمنتديات الممنوعة تمثل إحدى السياسات التي لا تستفيد منها البحرين سوى السمعة السيئة في المحافل الدولية عامّة، والحقوقية خاصة.

ندرك أنّ الإقدام على خطوة يحتاج إلى قرار شجاع لكننا أيضا، نتفهم أنّ ضمان حرية التعبير والسماح بالرأي الآخر هي ضرورة ديمقراطية أوّلا، وأن ما ستتحصل عليه البحرين من سمعة طيبة في المحافل الحقوقية الدولية ثانيا، تدعونا لأن ندعو المسئولين عن قرارات الإغلاق التفكير مجددا في خطوة ستكون محط إشادة وتقدير.

ومن وجهة نظر اقتصادية صرفة، فإنّ قرارات المنع والإغلاق أصبحت تضر بواحدة من أكبر مؤسساتنا الوطنية «بتلكو» ذلك أنّ مزودي الخدمة في الشركات المنافسة يتيحون لمشتركيهم الوصول لجميع المواقع الإلكترونية قبالة خدمات شركة بتلكو، وهو ما يجعل من حدود المنافسة بين مزودي الخدمة كافة غير عادلة، وهو ما يحتاج إلى إعادة نظر من قبل شركة بتلكو من جهة، والقائمين على تنظيم سوق الاتصالات من جهة أخرى.

الأمر الآخر أنّ استمرار مثل هذا القرار قد يعرض شركة «بتلكو» إلى تشويه سمعتها بأنْ تكون مزود خدمة الإنترنت الوحيد في البحرين الذي لا يتيح لمشتركيه الدخول لجميع المواقع الإلكترونية البحرينية والعالمية، خصوصا تلك التي تتعلق بحقوق الإنسان والصحافة والشئون السياسية.

في المحصلة، قلنا وأعدنا ذلك مئات المرات، إنّ منع المواقع الإلكترونية وحجبها عن المواطنين لا فائدة منه، وأنّ الوصول لهذه المواقع مُتاح للجميع رغم قرار المنع، وأنّ المنع لا يؤثر ألبتة في الدخول لهذه المواقع أو حتى إعلان الشركات الخاصة بها، الذي نجنيه من هذه القرارات هو أننا نضع اسم البحرين في قائمة الدول التي لا تحترم حقوق الإنسان ولا تضمن تدفق المعلومات في الشبكة الإلكترونية لمواطنيها بحرية وشفافية، وهو ما يجعل من تقييم البحرين في الهيئات والجمعيات الدولية لمراقبة حقوق الإنسان والإعلام في مستويات متدنية سنة بعد أخرى.

حبذا لو أنّ الخطأ الفني الذي حدث قبل يومين يستمر، حبذا لو أنّ قرارات المنع والحجب تجاه جميع المنتديات والمواقع الإلكترونية تلغى، حبذا لو أنْ ننتهي من التقارير الدولية عن البحرين التي تشير في كلّ مرة إلى تلك السلسلة الطويلة من المواقع الإلكترونية الممنوعة، حبذا لو أنّ واحدة من أخطائنا المحمودة، تبقى.