تصاعدت خلال اليومين الماضيين، التحليلات السياسية لحديث جلالة الملك الأخير لرؤساء تحرير الصحف المحلية، وهو اهتمام في محله بهذه الكلمات التي أتت في توقيت حرج لتحدد وتوضح العديد من النقاط الحساسة في مسيرة العملية الإصلاحية التي بدأها جلالته العام 2001.
لقد مر المشهد السياسي في البحرين والمشروع الإصلاحي لجلالة الملك بالعديد من التحديات والاختبارات الصعبة، وعلى الرغم من تعدد زوايا القراءات لمجمل ما جرى فإن الجميع متفقون على أن المشروع استطاع المرور من هذه التحديات والعوائق بنجاح، ومن هنا لا يمكن قراءة حديث جلالة الملك إلا بوصفها كلمات تهدف وتطلع لاستكمال المشروع الإصلاحي وتطويره لا الرجوع به للوراء.
لم تكن كلمات جلالة الملك رسالة عودة أو رجوع عن مشروع جلالته، بل كانت رسالة أبوية تهدف إلى ضرورة توحيد الصف الوطني فيما هو موجود من مؤسسات بهدف تطويرها وتصحيح مساراتها واستكمال مراحل نموها، ولابد ألا يتطوع أحد - أي أحد - لحرف مسار التوجيهات الملكية عما كانت تهدف إليه، فجلالته في أكثر من مقام أكد أن المشروع الإصلاحي سيستمر دون تراجع.
بالنسبة للمعارضة، بالطبع هناك انتقادات حادة لممارسات بعض أطرافها وخصوصا حين تجاوزت هذه الأطراف الخطوط الحمراء لتؤثر بشكل أو بآخر على الأمن الأهلي عبر استخدام العنف، وهي ممارسات مرفوضة بالتأكيد، وكلمات جلالته في هذا السياق كانت واضحة لا تحتاج إلى تأويل. لكن الذي لاحظناه خلال اليومين الماضيين أن البعض أخذ يعمم سلوك هذه الأطراف من المعارضة على المعارضة ككل، وهو تعميم مرفوض وغير صحيح. فالجمعيات السياسية المرخصة والتي تمارس عملها السياسي الذي كفله الدستور والقانون، والتي تلتزم بقانون الدولة وسلطتها، هي جزء من النسيج الوطني الذي دعا جلالته لحفظه. هذه المعارضة الملتزمة والممثلة نيابيا في بعضها هي دعامة للمشروع الإصلاحي لجلالة الملك ولا يمكن التشكيك بها، لأنها وجدت بالدستور وهي ملتزمة بالقانون وبما أعطاه هذا الدستور للمواطن البحريني - سواء الموظف في القطاعين الحكومي أو الخاص - من حقوق سياسية ومدنية لا يجوز المساس بها أو تقليصها.
إن في كلمة جلالة الملك العديد من المضامين التي وضعت اشتراطات المواطنة الحقيقية في هذا البلد، وهي اشتراطات مركزية وهامة ولا جدال فيها، فولاء أبناء البحرين لابد أن يكون للبحرين وقيادتها السياسية وحكومتها وليس لأي طرف آخر، والمعارضة القانونية الملتزمة هي جزء من هذا الولاء وليست خارجه، واحترام هذه المعارضة وضمان حقها في العمل السياسي هو تأكيد لهذا الولاء لا نقض له.
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 2146 - الإثنين 21 يوليو 2008م الموافق 17 رجب 1429هـ