تمثل لي المنتديات الإلكترونية فضاء معلوماتيا خصبا، وهي حسبما أفهمها ذلك الفضاء الذي يستضيف بحرية تامة ما لا تستطيع الصحافة ان تستضيفه أو تعلن عنه او أن تتناوله صراحة، ولذلك كله لا أستطيع إلا أن اعتبرها تتمة للصراع السياسي البحرين وجزءا لا يتجزأ منه.
لست الوحيد الذي يتابع هذه المنتديات، فغالبية السياسيين والصحافيين متابعون جيدون لها، وأدرك تمام الإدراك ما لهذه المنتديات والمواقع الإلكترونية من سلطة على السياسيين والكتاب والصحافيين في تجربتنا، ومع أن غالبية من عرفتهم من السياسيين والصحافيين يطلقون آراء شديدة في انتقادهم لما تحتويه هذه المنتديات وللطريقة التي يتم بها التعامل مع ما يكتبونه او يعلنونه إلا أنني كنت ومازلت أدرك أهمية ألا يتحول هؤلاء جميعا أعداء لهذه الحرية الإلكترونية التي وإن كانت غير ناضجة في محتواها اليوم، فهي حرية ضرورية لا يمكن للصحافة أن تقاومها أو أن تتبنى خط الهجوم عليها.
لقد أحدث الفتح الإنترنتّي والتّقنيّ صدمة في مجال الإعلام كظاهرة جديدة أخذت دورها في السّيطرة والتحكم، نعم، استطاع هذا الفتح أن يحرّف المفاهيم الحقيقيّة لوظائف الأجهزة الإعلاميّة من خدمة المجتمع إلى استهلاكه في أبشع صورة باسم الحرّيّة والدّيمقراطيّة وبأدوات جديدة لم يعتد الإنسان على سبرها والتحقّق من مكنوناتها، ولكن ذلك كله لم يحدث إلا لأن الدولة العربية لم تعط هذا الإنسان حريته الحقيقية، ولهذا فقط كان له أن يستتر خلف الأسماء المستعارة خوفا من السلطة بالدرجة الأولى لا خوفا من السياسيين أو الصحافيين. وهو ما يجب أن ندركه كصحافيين بأننا لسنا ضحية المنتديات الإلكترونية وكتابها، بل ضحية السلطة التي ضيقت الخناق على هؤلاء الذين لم يجدوا غير هذه الطريقة في التعبير عن آرائهم.
علينا أن نؤمن جميعا كما هو حال الدولة أن حريّة التعبير في المنتديات الإلكترونية ليست هي بالتحديد نهاية الدولة أو نهاية الصحافة. وإذا ما حاولت الدولة ونحن - أن نعيد قراءة الأمر بشكل مختلف فإننا سنكتشف لا محالة أن المجتمع الحر الذي يمتلك أفراده إرادة حرة وصحافة حرة وعقولا حرة لا يحتاج أفراده للسباب والاختباء خلف الأسماء المستعارة؛ لأنّه باختصار لا يَتخذ مثل هذا الخيار إلاّ حين يفقد حريته وإرادته في التعبير عن نفسه دون خوف.
الأسبوع الماضي، سألني صديق إن كنت قرأت ما كُتب عني في المنتديات كردة فعل على ما كتبته عن التصريحات الإيرانية الأخيرة وملف المرجعية المحلية؟ أجبته مبتسما بـ «نعم»، وما هو أعلاه تتمة الإجابة.
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 2143 - الجمعة 18 يوليو 2008م الموافق 14 رجب 1429هـ