العدد 2143 - الجمعة 18 يوليو 2008م الموافق 14 رجب 1429هـ

«هي فوضى»... رؤية شاهين لمصر

«هي فوضى» هو آخر أفلام المخرج الكبير يوسف شاهين مع خالد يوسف. واختيار هذا الاسم للفيلم هو أكثر صدقا للواقع المصري في وقتنا الحالي الذي يعيش فوضى اجتماعية وسياسية واقتصادية بحسب شاهين ويوسف، وأيضا إذا ما قارناه بزمن أفلام ليلى مراد وماري منيب وعبدالحليم حافظ التي تدل كيف كان المواطن المصري وكيف أصبح اليوم...؟ وهو واقع لا يختلف كثيرا عن باقي المجتمعات العربية ولو بنسب متفاوتة.

الفيلم الذي يعرض حاليا في دور السينما بالبحرين، حذفت منه الكثير من المشاهد التي أضاعت منه الحبكة السينمائية، ويبدو أن مقص الرقابة يقص كما يشاء دون الالتفات إلى أن بعض المشاهد التي قطعها تضر بالتسلل الحدثي للفيلم.

وعلى رغم ذلك فإن الفيلم بشكل عام تحدث بصدق عن ثنائية الكبت الجنسي والقمع السياسي المتمثلة في شخصية أحد العاملين في جهاز أمن الشرطة «حاتم» (خالد صالح) الذي يعيش طفولة بائسة تجعل منه إنسانا عدوانيا يرهب الآخرين الذين ينفذون رغباته دون معارضة، لكنه يعيش أسير حب بنت الجيران «نور» (منة شلبي) التي لا تأبه لمشاعره غير السوية مستغلا سلطاته لصالح رغباته الشخصية إلا أنه أيضا يكون مقموعا وضحية للآخرين.

الفيلم تضمن قدرا من الرمزية كما هي العادة في أسلوب أفلام شاهين إذ مثل «حاتم» رمزا للسلطة و «نور» المواطن العادي، أما وكيل النيابة الذي تحبه «شريف» (يوسف شريف) فمثل السلطة القضائية والعدل، ووالدة نور (هالة فاخر) ربة المنزل، الواعية البسيطة مثلت المواطنة المحبة لوطنها لكنها لا تهاب «حاتم» الذي يريد التحرش بابنتها، بينما والدة شريف (هالة صدقي) المنتمية للطبقة المتوسطة ومديرة مدرسة فهي تمثل رمز الثورية لجيل اليسار.

بعض مشاهد الفيلم تضمنت طرق التعذيب بالكهرباء والسياط، وخصوصا بعدما فشل «حاتم» في جذب اهتمام مشاعر «نور» بينما في إحدى اللقطات يضع هاتفه النقال بين كتفيه ورأسه, بينما يداه مشغولتان بتوصيل الكهرباء إلى جسد أحد المساجين في إشارة جريئة لتحول التعذيب عند بعض رجال الأمن في السجون العربية إلى ممارسة روتينية.

لاشك أن فيلم «هي فوضى» محاولة سينمائية جيدة وعودة لقراءة جريئة للحياة المصرية في أفلام شاهين من بعد «عودة الابن الضال».

العدد 2143 - الجمعة 18 يوليو 2008م الموافق 14 رجب 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً