العدد 2140 - الثلثاء 15 يوليو 2008م الموافق 11 رجب 1429هـ

المقابر المنسية!

عبدالله الملا abdulla.almulla [at] alwasatnews.com

صحيح أن من مات لن يعود إلى الحياة، ولن يكون لتزيين قبره نفعا ولا ضرا به، فهو يذهب بعمله إما محسنا أو كفورا... وصحيح أن المقابر المزينة لن تخفف من عذاب الموتى أو نعيمهم، ولكن ما يحدث في بعض المقابر يستحق أن نتوقف عنده ونلملم بعض الكلمات عل وعسى أن يتغير الوضع...

في منطقة «حلة العبد الصالح»، وفي المقبرة المشتركة مع كرانة وكرباباد تحديدا، أثيرت قضية المقبرة التي تحولت إلى قطع خاصة، والغريب أن القبور في هذه الأراضي واضحة وضوح الشمس وليست بحاجة إلى تحر وتنقيب، ولكن مع ذلك فإن بعض الملاك أخفوا هذه القبور تحت وطأة الجرافات التي دفنت كل ما يمكن دفنه وأخفت كل ما يمكن إخفاؤه، غير أن ملاك آخرين فضلوا التوقف عن العمل بعد أن خرجت معالم قبور قديمة! لا أدري حقيقة من سيقوم بسكن هذه الأراضي، وخصوصا إذا كان يعلم أنها كانت مقبرة في السابق، ويضاف إلى ذلك قربها من المقبرة، إذ لا يفصل الأراضي عن المقبرة غير شارع، وكأن الخارج من بوابة هذه المنازل داخل إلى بوابة المقبرة... ويضاف إلى ذلك كله ما يرويه بعض أهالي كرانة، عندما شاهد بعضهم في منتصف الليل سوادا يدور بين قبرين في مقبرة الحلة، وكادوا أن يفقدوا رشدهم، وحين رجعوا إلى بعض أعيان الحلة وسألوهم، أخبروهم بأن هذا السواد ليس إلا امرأة فقدت زوجها وبعده ابنها الشاب وهي تتردد عليهما في أي وقت تهتاج فيه عاطفة الأمومة! أنا لا أتمنى أن أسكن في منزل مقابل لمقبرة ويشاهد أحد أبنائي سوادا يدور في هذه المقبرة!

الحي أبقى من الميت طبعا، هذا إذا كنا نتحدث عن شق شارع في مقبرة لخدمة أهالي القرية أو أي مشروع ملح في هذه المنطقة بالذات (ونعني بها المقبرة)، ولكن يبدو أن لدى البعض تطلعات إلى ما هو أبعد من هذه القاعدة...

كم هم مساكين هؤلاء الموتى، ففي الحياة انتظروا سنينا طوال ليسكنوا منزلا يظلهم ظلاله، وربما لم يتسنَ لهم أن يحصلوا على قسيمة في الحياة ولكنهم ظنوا أن قسيمة الممات محفوظة، وحتى هذه القسيمة التي لا تتعدى أشبارا قليلة لم يهنئوا فيها، ومن يدري لربما يأتي يوم نتقدم فيه إلى وزارة الإسكان بطلبين: طلب لمنزل في الحياة، وآخر للممات، وإذا شاءت الأقدار أن يتسلم الباري أمانته مبكرا سنجد أجسادا ترمى في البحر طعما للأسماك... الله يستر!

إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"

العدد 2140 - الثلثاء 15 يوليو 2008م الموافق 11 رجب 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً