التصريحات التي خرج بها النائب السعيدي يوم أمس، كانت تصب في الدعوة إلى عسكرة الدولة، والاستعداد إلى دخول قوة دفاع البحرين لمرافق الدولة للتعامل مع عصيان مدني يعتقد النائب السعيدي يستتر في الخفاء وأنه قاب قوسين أو أدنى من الحدوث.

وخلاف أن تكون مجمل تصريحات النائب جاسم السعيدي مدعاة للتعجب أو الرفض المباشر وأحيل القارئ هنا لتعليق الزميل من صحيفة «الوقت» رضي الموسوي في عموده ليوم أمس أولا، وخلاف أن تكون تصريحاته خطرة على سلمنا الأهلي كمجتمع - وهي ليست المرة الأولى التي يطلق فيها مثل هذه التصريحات - ثانيا، نحتاج بصدق إلى أن نسأل: هل يمثل النائب السعيدي حالة فردية فيكفينا في التعامل معها أن نقهقه؟، أو أن نأخذ تصريحاته من على محمل الفكاهة والتندر؟، أم أنه مشروع متكامل يمهد لجعل من الحلول الأمنية الحل الأخير لمجمل عراكنا السياسي في البحرين، أي ببساطة أن نذهب إلى خيار عسكرة الدولة ومؤسساتها كافة.

ليس المهم أن نخرج بخلاصة أن النائب السعيدي هو نائب طارئ على السياسة، فلا يعقل من نائب يمثل أبناء وطنه، أن يمارس أيا من تلك الأدوار التي لعبها النائب السعيدي طوال فترة تمثيله النيابية، لكن المهم والمحوري في فهمنا لما يخرج به مكتب العلاقات العامة لهذا النائب هو أن ندرك أن السعيدي لا يمثل حالة سياسية في المطلق، بل هو بالدرجة الأولى تمثيل لمشروع سياسي متكامل هو بالتأكيد لا يبعث على الضحك، وخصوصا أن ذلك التفاوت في الطرح الذي يبعثه مكتب هذا النائب هو دلالة على أنه في أقل تقدير نائب مختطف، وأنه ببساطة، لا يعي أو يفهم ما يقول.

هذا المشروع الذي يبدو ظاهره تصريحات النائب السعيدي المتوالية وباطنه تغليب الحل الأمني لن يستطيع أن يحل أيا من القضايا التي تؤرق هذا البلد وتعبث بمستقبله، فالتاريخ علمنا من الدروس الكثير في أن الحل لا تصنعه البندقية وإن أخرست ذلك الآخر، الحلول يصنعها الحوار وتلك القابلية في تقديم التنازلات والاعتراف بالأخطاء والعمل على تصحيحها. لا يمكن لأحد - أي أحد - أن يأمل في تصحيح ما هو معوج هنا دون أن يكون على استعداد لأن يقر بأنه ثمة العديد من الأخطاء المتفاقمة والتي تحتاج لحوار صادق وحقيقي ولا تحتاج لبندقية من قوة دفاع البحرين، تلك البندقية لابد أن تبقى موجهة ضد أعداء هذا الوطن لا ضد أبنائه.