قد تكون الدعوات التي بدأت من السعودية وقد تمتد للبحرين والداعية لإعادة إحياء المرجعيات الشيعية المحلية في الخليج مرتبطة بالأوضاع السياسية في المنطقة وتداعياتها الأخيرة خصوصا في الملف الإيراني، بل لعلها بالتأكيد كذلك، وهو ما قد يتمخض في رفض أو مقاومة هذه الدعوات باعتبار ضرورة صيانة هذا المقام الديني من التورط في «السياسي» وتبعاته.
في السنوات القليلة الماضية، أصبحت العديد من الأقلام تحاول الإيحاء بأن المرجعية سواء أكانت «إيرانية» او «عراقية» هي لا تقتصر على التقليد في المسائل الفقهية بالمعنى الدقيق، بل هي أيضا، مرجعيات سياسية. إن مجمل هذا الكلام وإن كان صحيحا في شق منه فالمرجعية ليست مقاما فقهيا وحسب، إلا أنه كان ولا يزال يتموضع في كل مرة، بوصفه كلمة الحق التي لا يراد منها إلا الباطل، فالتشكيك بولاء شيعة البحرين أو شيعة الخليج كافة لأوطانهم هو مجرد لعبة دنيئة يلعب بها بعض أولئك الطامحين لتعكير اجواء السلم الأهلي بين أبناء البحرين ودول الخليج، بغية الوصول لنفق مظلم يكونون فيه الرابح الأكبر.
لا تبدو مهمة خلق مرجعيات شيعية بحرينية مهمة سهلة أو متاحة في هذا التوقيت بالتحديد، لكنها في السياق نفسه، مهمة ممكنة في ضوء تواجد العديد من الأسماء العلمية الكبيرة في البحرين والتي تستطيع بحسب أكثر من مراقب، أن تمسك بهذا المنصب إن كانت هناك رغبة محلية صادقة في الوصول لذلك، وهو ما لا يتنافى واشتراط «الأعلمية» فحوزة «قم» نفسها منذ وفاة المرجع الديني الشيخ الأراكي لم تستطع أن تسمي المرجع «الاعلم»، والأهم من ذلك، أن إيجاد مرجعيات محلية باتت ضرورة سياسية واجتماعية وثقافية للمنطقة ويعول الكثير من المراقبين على مثل هذه المرجعيات أن تستطيع إعطاء هذا المقام الديني خصوصيته التي تليق به في منأى عن «السياسي» أولا، وعن الثنائية التقليدية «الأصولية/ الإخبارية» ثانيا.
ليس محور الفكرة في إيجاد المرجعيات الشيعية المحلية ان تكون هذه المرجعيات إخبارية أو أصولية، محور الفكرة هو ان تكون هذه المرجعيات بالدرجة الاولى قريبة من زمكان هذا البلد الذي يحتاج إلى من يتفهم احتجاجاته ويصدر فتاواه من هذا المنطلق.
لقد اسهمت البحرين والقطيف والإحساء بوصفها حواضن للمرجعية في رفد الذاكرة الشيعية على الدوام، وكان الخطي - احد مراجع القطيف - إمام جمعة مدينة شيراز الإيرانية حين زارها، وكان للعديد من المرجعيات الشيعية البحرينية إسهامات في حوزة النجف الأشرف، وبعض طلبة البحرين في «قم» اليوم هم ليسوا طلبة، بل أساتذة للبحث الخارج وهو ما يجعل من هذه المراهنة منطقية ومقبولة حتى وإن كانت ذات دوافع سياسية.
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 2139 - الإثنين 14 يوليو 2008م الموافق 10 رجب 1429هـ