اتخذت المتكأ المعتاد ذاته، الذي طالما وسعني والأخ الأستاذ حافظ الشيخ صالح (شافاه الله وعافاه) جلست وحيدا أرمق الحرس ذاتهم، الذين طالما داعبهم الأخ حافظ بعفويته «المحرقاوية» المعتادة.
حافظ يرقد الآن بالمستشفى، إذ يقضي فترة نقاهة بعد أن تكللت عمليته بالنجاح على يد الطبيب الجراح الماهر حبيب الطريف. يبقى حافظ عزيزا على قلوبنا رغم تباين وجهات النظر في قضايا ومواقف شتى. ويبدو لي جميلا ورائعا أن تقدم جمعية الصحفيين للزميل حافظ باقة ورد يحملها بين جنبيه نائب رئيس الجمعية الزميل النشط عادل مرزوق.
في قبال الزاوية التي نتخذها متكئا، كاتب السطور وحافظ الشيخ صالح، توجد زاوية احتضنتني والبروفيسور الراحل عبدالوهاب المسيري (رحمه الله) في إحدى زياراته للبحرين.
كان البروفيسور يحمل كتبا من القطع الكبير والمتوسط مهداة إلى الزميل حافظ من أحد معارفه بالقاهرة، وكنت قد تلقيت مكالمة من حافظ يخبرني فيها بوجود المسيري بالفندق، وقد أوصاني، وأخال لا يجد من يوصيه حينئذ أن اعتني بالأمر مع البروفيسور. ذهبت إلى المسيري في غرفته بالفندق، وإذا برجل طاعن في السن يفتح لي باب الغرفة، ألقيت التحية وردها باقتضاب. بادرته قائلا: سيدي العزيز أنا فلان وقد أتيت لتسلم الكتب، ولإجراء مقابلة مع جنابكم، قال: أهلا وسهلا، ولكني مشغول جدا، قلت له: سأكون ممتنا إن وافقت على إجراء المقابلة. وكأنه جال بفكره على أجندة مواعيده الدقيقة، ووافق على إجراء اللقاء بشروط صارمة. غادرت الغرفة على أمل اللقاء به في اليوم التالي.
في اليوم التالي، حضرت إلى الزاوية الحاضنة. طرحت ما برأسي من أسئلة، كانت حينئذ عن: حرب تموز والمقاومة اللبنانية والقضية الفلسطينية، وطبعا لا مناص من التعريج على الموسوعة الأكبر في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي «اليهود واليهودية والصهيونية». تحدث المسيري في أشياء كثيرة، ونُشرت المقابلة في صحيفة «الوسط».
ما لفت نظري في لقاء المسيري اعتزازه بالدور الكبير والمحوري الذي تقوم به زوجته، إذ هي من وقف معه في تأليف الموسوعة وقد ساعدته كثيرا في ذلك. كما آمنت بآرائه وأفكاره (الجانب النظري)، وكانت دائما معه في الصدارة في المسيرات والاعتصامات (الجانب العملي والميداني).
الفارق كبير جدا بين أدوار النساء في الخليج العربي، والنساء الشاميات والمصريات والمغاربة في حياة الرجال المناضلين والمرابطين على ثغر من ثغور العلم أو المطالبات الحقوقية... إلخ، إذ شكيمتهن لا تنثني أمام ضغوط الحياة، وعزيمتهن لا تلين أمام مغريات محلات العطور والماكياج والماركات العالمية!
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 2137 - السبت 12 يوليو 2008م الموافق 08 رجب 1429هـ