العدد 2136 - الجمعة 11 يوليو 2008م الموافق 07 رجب 1429هـ

مطالبات شعبية

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

مطالبات الشارع التي نسمعها هذه الأيام، ونشعر بالصداع والضجيج كلما سمعناها أظن بأن هذا الإيقاع وهذا اللحن سيستمر، وسيظل على الدوام يتردد ولن يهدأ، والمطالبات ستتجدد باستمرار ولن تهدأ، وستتفاعل مع كل إحباط سياسي ومع كل يأس ومع تردي الأوضاع المعيشية وصعوبة توفير حياة كريمة تحفظ للناس كرامتهم وعزتهم في بلد يشتهر بالخيرات يذل فيه المواطن وينتعش فيه المتنفذ الطامع في جمع الثروات وأكل ما له وما لغيره، ومع كل تجاهل حكومي، ومع كل تدخل حكومي خاطئ، ومع كل اصطفاف طائفي بغيض، ومع كل وثبة حكومية لعرقلة جهود المخلصين لهذا الوطن، ومع كل محاصرة غير وطنية، ومع كل حالة من عدم التوافق والانسجام والتعاون بين الكتل النيابية التي نست ما هو دورها وبدأت تتقن أدوارا دخيلة عليها من أجل سواد عيون مصالحها والكروش التي لا تشبع، ومع كل إعاقة لأهداف المجلس النيابي.

مع كل تلك الأسباب التي تسبب دوارا في الرأس، وحالة من الغثيان، ستظل مطالبات الشارع بانسحاب كتلة الوفاق من البرلمان وسيكون مصير السؤال المتكرر في الشارع ما الذي يجعل من كتلة الوفاق صامدة في البرلمان ولماذا لم تنسحب إلى الآن؟ وسؤال آخر ماذا تنتظر كتلة الوفاق من مشاركتها، بعد أن أقفلت جميع الأبواب أمامها؟ وبعد ما اتضح أن التغيير السياسي من داخل البرلمان أصبح استحالة؟ وأن التعامل مع الكتل الأخرى شبه مستحيل لوجود توازنات كبيرة أكبر بكثير من مستقبل العمل السياسي الوطني في البحرين.

وأمام هذه التساؤلات المتكررة يضغط الشارع بصورة أكبر على «الوفاق» بالانسحاب من المجلس ومقاطعته وبتر تجربتها، الانسحاب الذي تطالب به القواعد الشعبية «الوفاق»، له دلالاته وله أسبابه ومبرراته، والشارع له قناعات مسببة، ويستطيع أن يعبر ويدافع عنها فهو يرى بأن مشاركة الوفاق في الأساس والأصل في البرلمان بهدف تحقيق المكاسب، وإنجاز المصالح الوطنية واسترداد الحقوق المسلوبة، أما إذا فشلت من تحقيق تلك الأهداف أو لم تتوافر إليها الأرضية الخصبة؛ لتنفيذ برامجها وخططها، فخير لها الانسحاب من مكانها لا البقاء والفشل.

الأمر الآخر الشارع لكونه مراقبا جيدا لساحة العمل البرلماني وعندئذٍ مراقب لأداء كتلة الوفاق وبطبيعة الحال مواقف الكتل الأخرى، ومدى جديتهم في تحقيق الأهداف الوطنية ومدى تعاون الحكومة ومرونتها فيما تطرحه الكتلة، والنتيجة أنه لا توافق ولا انسجام بين «الوفاق» والكتل الأخرى.

إذا، لا يمكن لـ «الوفاق» تحقيق إنجازات لكونها لا تملك الأغلبية المطلقة داخل المجلس وعدم توافر انسجام وتوافق يعني صعوبة تمرير مشروعاتها، فلا «الوفاق» تستطيع الاستغناء عن مواقف الكتل الإيجابية، ولا الكتل تشعر بضرورة التعاون مع «الوفاق» لقناعتها أو لإملاءات من فوق، ولا الحكومة تقبل بالتعاون والتنازل، بل لن يرضيها أبدا أن تتوافر مساحات من التوافقات بين الكتل المختلفة، فنراها تتدخل باستمرار في أجندة المجلس وفي خططه وبرامجه، بالترغيب تارة وبالتهديد والوعيد تارة أخرى، وسيظل المجلس أسيرا وفي قبضة يد الحكومة، وستظل المطالبات الشعبية باقية بانسحاب كتلة الوفاق من المجلس طالما بقي المجلس عقيما وأرضا جرداء قاحلة.

انسحاب الكتلة من المجلس له عدة قراءات، فالقراءة الأولى فيما لو أن فكرت «الوفاق» فعلا بالانسحاب الآن من المجلس قبل انتهاء الدورة ماذا ستكون انعكاسات انسحابها على الشارع وعلى الحكومة؟ وما هو دلالاتها؟ انسحابها سيكون له ردة فعل قوية من جانب الحكومة لكون انسحابها بهذه الصورة يحرج الحكومة ويضعها في زاوية ضيقة، وإعلاميا الكتلة ستكسب الجولة، ستضطر الحكومة إلى إجراء انتخابات أخرى بمشاركة «الوفاق» أو بمقاطعتها وسيتعقد الموقف أكثر إذا قاطعت «الوفاق» الانتخابات وتحالفت مع حركة حق، في حين أن الشارع وخصوصا المؤيد والمطالب والمؤيد بانسحاب «الوفاق» سيظل يدعم توجهاتها ولن تخسر «الوفاق» جمهورها.

في حين ستستغل الحكومة موقف «الوفاق» وقرارها بالانسحاب أبشع استغلال، ستنعتها حينها بعدم الصبر وعدم قدرتها على الاستمرارية، ومواجهة ظروف العمل البرلماني، ولا يمكن إخفاء جانب أن «الوفاق» ستخسر التجربة على رغم استعدادتها.

في حين القراءة الأخرى تتعلق ببقاء الكتلة في المجلس النيابي واستبعاد انسحابها على الرغم من الإخفاقات المتوالية، وعلى الرغم من الاصطفافات والمعوقات الأخرى، والقيود التي تكبل بها جهود الكتلة، وقرارها بالبقاء في المجلس إلى حين انتهاء الدورة، والنتيجة طبعا عدم تحقيق المكاسب والخروج من التجربة بخفي حنين، هذا طبعا يخسرها جزءا كبيرا من جمهورها وقواعدها الشعبية وخصوصا المتحمسين لقرار الانسحاب، ولكنها ستستطيع من خلال تجربتها وخبرتها في العمل النيابي إلى جانب الاستمرارية في الحفاظ على أدائها وحسن إداراتها للملفات المطروحة وأيضا درجة أهميتها، ستنجح في بيان الخلل الكبير الذي يعيب المجلس البرلماني وأدواته الضعيفة.

أمام كل تلك الإرهاصات والتحديات وأمام كل تلك المعوقات والصعوبات وأمام بشاعة المشاهد المزعجة والطرق الملتوية والمسدودة، تظل المطالبات الشعبية مستمرة وأظنها لن تهدأ؛ لأن وقودها الإحباطات السياسية المتوالية والجفاء والجفاف والقحط، وأراهن على بقاء المنغصات، لذا فالمطالبات بدورها لن تهدأ، وبات من المؤكد أن تواجه «الوفاق» جماهيرها التي لن ترضى عنها، وحكومتها التي لن تدعها تحقق وتنجز ما يسد رمق جماهيرها المتعطشة دوما إلى الإنجازات الوطنية التي تنقلهم من حال سيئ إلى حال أفضل.

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 2136 - الجمعة 11 يوليو 2008م الموافق 07 رجب 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً