العدد 2136 - الجمعة 11 يوليو 2008م الموافق 07 رجب 1429هـ

ضريبة الشراء VAT قادمة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

تدرس الإمارات العربية المتحدة مقترحا تقدمت به إمارة دبي لفرض ضريبة على شراء السلع والخدمات (VAT) مقدارها 5 في المئة بدءا من العام 2009. وفي حال وافقت السلطات الفيدرالية الإماراتية على ذلك فستكون الإمارات، وهي واحدة من أغنى البلدان النفطية، أول دولة خليجية تفرض هذا النوع من الضرائب، وتعلن أيضا بذلك دخول دول مجلس التعاون في النظام الاقتصادي العالمي القائم أساسا على الضرائب.

الفكرة الإماراتية تقف خلفها سلطات موانئ دبي التي تعتمد على الضرائب الجمركية... ولكن هذه الضرائب في طريقها إلى الزوال الواحدة تلو الأخرى مع التوقيع على اتفاقيات التجارة الحرة ومع دخول معظم الدول في منظمة التجارة العالمية التي تسعى إلى تنشيط التجارة بين البلدان عبر إزالة العوائق والضرائب الجمركية.

دول مجلس التعاون أزالت الضرائب الجمركية فيما بينها منذ العام 2003 بعد دخولها في مشروع السوق الخليجية المشتركة، ولكن التجارة بين دول الخليج تمثل 10 في المئة فقط من حجم السلع التي تتعامل معها الموانئ الخليجية، ولذلك لم تتأثر المدخولات الحكومية من ذلك كثيرا... بل ربما ازدادت بسبب زيادة حركة انتقال السلع. ولكن مع توقيع البحرين اتفاقية تجارة حرة مع أميركا، وكذلك عُمان وأميركا، ودول التعاون تسعى حاليا إلى توقيع اتفاقية تجارة حرة مع الهند، والصين، وغيرهما من الدول... فإن كل ذلك يعني خسارة الحكومات لجزء كبير من الدخل الذي كانت تحصل عليه من الجمارك. وعليه، فإن البديل المباشر لذلك هو فرض ضريبة الشراء (VAT). على أن التحدي الأكبر لذلك هو قبول ثقافة الضرائب، سواء كانت مباشرة (مثل ضريبة الدخل التي لا نزال بعيدين عنها) أو غير مباشرة (مثل VAT)... والتحدي الآخر هو تأسيس جهاز فعّال لتسلم هذه الضرائب ومحاسبة من لا يدفعها.

الضرائب تاريخيا اقترنت بالتمثيل السياسي... وكان البرلمان البريطاني (ربما أول برلمان يتأسس في العالم قبل نحو سبعة قرون) قد تأسس لأن الملك آنذاك يسعى إلى فرض مزيد من الضرائب، وكان الرد على ذلك بالشعار: «لا ضرائب من دون تمثيل سياسي»... وعلى نغمات ذلك الشعار تم إنشاء مؤسسة «البرلمان». فالضرائب، بمختلف أشكالها، تؤدي في النهاية إلى المشاركة في صنع القرار السياسي.

وذكر أحد المراقبين أن مجموعة من الأوروبيين الذين استقروا في دبي رفضوا دفع رسوم شهرية لتنظيف منطقتهم وقاموا بتأسيس اتحاد للساكنين يجمع اشتراكاتهم الشهرية (تعادل الضرائب) وتم الاتفاق مع شركة لتنظيف المنطقة حول منازلهم بحسب شروطهم. وهذه كلها بدايات التمثيل السياسي الذي تفرضه بيئة الضرائب.

وفي البحرين لدينا الكثير من الضرائب غير المباشرة، ولكن يطلق عليها مسمى «الرسوم» وهي تسمية غير صحيحة، ولكنها مع الأيام ستبدو أكثر وضوحا بأنها ضرائب وخصوصا عندما تصل إلينا ضريبة الشراء (VAT). فمن دون شك، ستكون البحرين من أوائل الدول المرشحة لهذه الضريبة فيما لو تم تطبيقها في الإمارات، ذلك لأن أكثر من ثلاثة أرباع الدول في العالم تفرضها، ولأن تحرير التجارة بين البلدان يدفع باتجاهها. وحين تفرض هذه الضريبة في الخليج كله، سنكون قد دخلنا - على رغم أنوفنا - في عصر «التمثيل السياسي».

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 2136 - الجمعة 11 يوليو 2008م الموافق 07 رجب 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً