كانت جلسة مجلس الوزراء الأخيرة فريدة من نوعها حين حملت في طياتها العديد من التوجيهات الهامة فيما يتعلق بأكثر من ملف من الملفات الحكومية الشائكة والمعلقة. لكن الأهم في تلك التوجيهات والقرارات الصادرة عن مجلس الوزراء، هو أن تتحول لحقيقة في أقرب وقت ممكن، وخصوصا أننا بتنا نعاني من صدور قرارات وتوجيهات لا يلتفت لها أحد، أو تحتاج لفترة طويلة من الانتظار حتى يتم تنفيذها.
لابد من الإقرار بأننا في أكثر من سياق، أصبحنا نعاني من فقدان حلقة الاتصال والمتابعة لما يصدر من القيادة السياسية ورئاسة الحكومة من جهة، وبين ما يحدث على أرض الواقع من جهة أخرى. وكأننا ندار بأكثر من حكومة!. مثال ذلك على الأقل، معونة الغلاء التي تسبب ضعف الجهات التنفيذية والتنسيق فيما بينها في أن تتحول هذه المبادرة التي أطلقها مجلس النواب والحكومة معا، من خطوة إيجابية تحسب لصالح السلطتين معا، إلى إجراء يتلقاه المجتمع بسلبية مفرطة، وأصبحت في توصيف الصحافة المحلية من معونة غلاء إلى معونة إذلال، كما وصفها بعض الزملاء في الصحف المحلية.
لقد كانت لنا مكاشفة وطنية أولى حول طبيعة هذا العائق الداخلي في السلطة التنفيذية، حين أصبحت الفجوة في التنسيق بين مجلس التنمية الاقتصادية ووزارات الدولة كبيرة وأصبحت الأوراق والخطط تضرب بعضها ببعض، وتم تصحيح الوضع نسبيا إثر تدخل مباشر من جلالة الملك. لكننا لانزال في حدود المشكلة ولم تخرج منها في مفاصل أخرى داخل السلطة التنفيذية ووزارات ومؤسسات وهيئات، وعلى أن هذا الحديث يبدو مشوبا بالقلق والتوتر الذي لا يخفى على أحد، إلا أن المواطن غير مسئول عن هذا كله، وهو إذ يقف خارج هذه الإشكالية وأطرافها لا يجوز تحميله تبعاتها، وخصوصا أن هذه المشكلة التي تبدو معقدة وكبيرة من جهة، هي مغيبة عن عينيه من جهة أخرى.
العديد من الملفات المعلقة ترتبط بشكل أو بآخر بهذا الخلل في السلطة التنفيذية، هذا الخلل أيضا، كان موجودا منذ أمد بعيد، لكنه أصبح الآن ظاهرا لعيان العديد من المراقبين للوضع، وهو أيضا، ما لا يمكن التستر عليه أو على تبعاته السلبية على تنمية البلد، أكثر مما كان.
هناك حلقة اتصال في نفاذية القرارات داخل الحكومة تبدو مفقودة أو معطلة ولعلها متضاربة، وهذه الحلقة المفقودة/ المعطلة/ المتضاربة نشأت منذ مدة حين صعد للصف الأول في السلطة التنفيذية رجالات لا يعملون تحت مفهوم الدولة، وهم ليسوا مؤهلين لأن يكونوا رجال دولة. هم أولا وأخيرا، رجال مهمتهم مصالح شخصية محددة لأشخاص محددين، وهو ما تسبب بوضوح في ألا يثق المواطن فيما يتم إعلانه له من وعود لا تتحقق.
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 2132 - الإثنين 07 يوليو 2008م الموافق 03 رجب 1429هـ