عندما تقرأ تصريحات المسئولين الرنانة في الصحف اليومية، أو تراجع ما صدر عنهم سابقا، وبعد أن تطابق ما قيل على أرض الواقع، لا يمكن لأي من قرأ قصيدة «كلمات» للشاعر الكبير نزار قباني أو سمع كلمات القصيدة تصدح بصوت الفنانة ماجدة الرومي، إلا وأن يعلق على التصريحات بما قيل في ختام الأغنية «لا شيء معي... سوى كلمات»!

فعلا، هذا ما نخرج به من وراء كل تصريح «يصدح» به الوزراء المعنيون والمسئولون عموما... «كلمات ليست كالكلمات» تطرب لها أسماعنا لأنها في الغالب تسعى إلى طمأنتنا إلى حل «معضلة» عانينا منها لسنوات طويلة. ولن نبعد عن الأزمة الثلاثية (وإن كانت مشكلاتنا تتعدى الرقم هذا بكثير): السكن، العمل، الكهرباء، التي وعدنا منذ سنوات ومازلنا نوعد في كل يوم بحلها، ولكن تظل الأزمة تراوح مكانها من دون حل جذري، مسقطة بذلك «كلمات» المسئولين المطمئنة على أرض الواقع المرير، الذي يشهد كل يوم انقطاعات الكهرباء التى أصبح «اليوم» الذي لن تتكرر بعده مجهولا، و»المسكن أو الأرض لكل مواطن» بات سرابا بعد ضياع الأرض وانقلاب مخطط توزيع الوحدات، وتصريحات «العمل» في وادٍ وطلبات التوظيف (وخصوصا للجامعيين) في وادٍ آخر!

من هنا، فإننا نرى أنه من الأجدى للمسئولين مراجعة خطبهم واستبدال كلمات: نوعد، ونجزم، ونؤكد، وفي القريب العاجل... وما إلا ذلك من كلمات تضعهم في محل المسئولية والمساءلة بمتى؟ إلى كلمات أخرى تبرئ ساحتهم وقت المواجهة ولا تجعلنا نحن محددين بوقت وموعد... كلمات من نوع «نحلم، نتطلع، يمكن، قد»، أو ليريحونا ويأتوا بها من الآخر بقول «مستحيل» طالما كانوا عاجزين عن أن يكونوا «قد كلمتهم».