قبل اسبوع تقريبا، أقدم مراهقون لم يشتد عودهم بعد على حرق إطارات أمام الدوار المؤدي إلى قرية المالكية، الامر الذي أعاق الحركة المرورية وأرغم قائدي المركبات على تغيير مسارهم تفاديا لأي مكروه ومن باب «روح بعيد وارجع سالم».
كان الأهالي يتوقعون في مثل هذه الحالات أن تزحف قوات الأمن على الموقع المضطرب أمنيا وكلها شوق لمداعبة آلة الرصاص المطاطي على المتجمهرين وفرض سياسة العقاب الجماعي على جميع أهالي القرية عن طريق استنشاقهم الغازات المسيلة للدموع أو ما بات يعرف بـ «الفلفل المطحون». لكن رجال الأمن وبحسب شهود عيان «قاموا بإخماد الإطارات المحترقة وأزالوا أكوام النفايات المتوزعة في نواح عدة في ذلك الشارع بغية السماح للسيارات بالمرور وانسحبوا من الموقع بعد أدائهم المهمة بهدوء ودون الالتحام مع المتجمهرين». مثل هذا التصرف الحكيم يحسب كثيرا لرجال الأمن، فالانطباع العام لدى معظم سكان القرى - على الأقل - أن أفراد مكافحة الشغب أشخاص «بلا ضمائر»، أناس يقمعون الآخر بغرض «التشفي» وغيرها من المصطلحات التي تبعث على النفس هلعا شديدا، يصح لنا تسميته مجازا بـ «فوبيا الداخلية».
وزارة الداخلية على عاتقها الكثير والكثير لكي تصلح ما أورثته زمر الحرس القديم في أنفس مواطنيها، عليها تغليب مصلحة الوطن من خلال سياسة الاحتواء مع هؤلاء الأحداث، لأن العنف لا يولد إلا العنف، وسياسة الضرب بيد من حديد لا تؤتي أكلها كل مرة، وخصوصا مع المنادين بما يسمونه «التحشيد الثوري».
إقرأ أيضا لـ "جاسم اليوسف"العدد 2127 - الأربعاء 02 يوليو 2008م الموافق 27 جمادى الآخرة 1429هـ