العدد 2126 - الثلثاء 01 يوليو 2008م الموافق 26 جمادى الآخرة 1429هـ

أجيال «الأتاري»

عبدالله الملا abdulla.almulla [at] alwasatnews.com

بدأت الإجازة الصيفية، وأخرج الأطفال في منزلنا لعبة «الأتاري» وأخذوا يلعبون ليل نهار من دون كلل أو ملل... الأمر يبدو عاديا، فمعظم الأطفال وبمختلف الأعمار يقضون الإجازة الصيفية الطويلة في ألعاب الفيديو التي غزت كل منزل.

المشكلة لم تكن هنا تحديدا، فبينما كانوا يلعبون أخرجوا شريطا أحمر رسم عليه تنين، وبدأوا يلعبون لعبة جديدة! الدماء كانت السمة الأبرز في الشريط، والأكثر من ذلك أن الفائز له الحق في التمثيل بجثة المهزوم كيفما شاء، ولكم أن تتخيلوا طرق التمثيل التي لا تعد ولا تحصى، فهذا يقتلع رأس المهزوم، وذاك يده، وآخر كبده، وهذا يحرقه... والقائمة تطول كثيرا!

الأطفال كانوا مستمتعين إلى درجة لا توصف، وكان هذا الشريط مجرد أنموذج لأشرطة لا تحصى وبالدرجة نفسها من الوحشية... يا ترى كيف سيكون شكل هذه الأجيال التي تربت على أشرطة العنف و «الأتاري» المخيفة؟ والمشكلة الأكبر أننا لا نعي حجم الكارثة، فالطفل - كما يعرفه علماء النفس - ذو عقل بإمكاننا أن نشكله كيفما نشاء، كما أن البيئة المحيطة تؤدي دورا كبيرا في هذا المجال، فإذا تربى هذا العقل على ألعاب الفيديو التي تعتمد على القتل والتمثيل بالجثث، فما الخاتمة التي سنحصل عليها؟

مشكلة الغرب أن الجرائم وصلت فيه إلى شيء شبه روتيني، ففي كل دقيقة تحدث جرائم كثيرة وبأشكال مختلفة... ولربما كان لانغماس تلكم الأجيال في ألعاب القتل والاغتصاب وفنون السرقة والقتال دور بارز في تنمية ملكات الجريمة.

نحن لا نقول إن على أولياء الأمور منع أبنائهم من ألعاب الفيديو، ولكن لا ضير من اختيار بعض الألعاب المفيدة أو تلك التي لا تجعل عقل الطفل يتجه إلى منحى آخر، والأهم من ذلك أن يعمدوا إلى استغلال هذه الإجازة الطويلة بشيء مفيد لأبنائهم، فهذه مراكز تعليم القرآن والصلاة وتعاليم الدين وتنمية اللغات منتشرة في أرجاء البلد، فليس من المعقول أن نأتي في يوم لنرى الأجيال لا تهوى سوى «الأتاري» وكرة القدم!

قد يقلل الآباء من خطورة الوضع، أو يستهينوا به، ولكن عندما يقع الفأس في الرأس لن ينفع الندم حينها... شخصيا، لدي في العائلة أطفال بميول كثيرة؛ هذا يحب مغامرات «سوبر مان» ويسعى إلى اقتناء ملابسه والطيران في الصالة وهو لم يتجاوز الأربع سنوات! لدينا آخر لا يعرف في الدنيا سوى كرة القدم ولا شيء سواها ويحفظ اللاعبين ولو سألته عن دراسته أو دولة من الدول لسخر منك ويرد دائما: كرة القدم هي المستقبل الآن... المسكين يحسب نفسه في دولة من دول أوروبا، أو لعله تأثر بكأس أمم أوروبا الأخيرة، فليس له في النهاية إلا «دفنة» الفريق أو حشيش المزرعة!

إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"

العدد 2126 - الثلثاء 01 يوليو 2008م الموافق 26 جمادى الآخرة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً