ما أسطره ليس ردا على أحد بقدر ما هو قراءة, كذلك هو ليس انتصارا لأية جهة غير الحق والحقيقة للوطن الغالي الذي يترنح في السجال المريب الذي كلما هدأ. حركت الأيدي الخبيثة والقلوب المريضة جمرة كامنة تحت رماد النفوس التي أمنت العقاب فأساءت الأدب، وسارت في طريق تخريب المصالح العليا أبعد مما يحتمله عقل أو منطق!
لنقرأ معا ما يدور في هذه المواقع، ثم نستعرض بعض المحطات الواردة، ليس في هذه المواقع من جديد، والحقيقة أنه ليس هناك ما يجذب الانتباه أو يستحق المناقشة، الإصرار الغريب على السير في هذا الطريق تكرار لردود أفعال شخصية منذ اللحظة الأولى, وهنا يفترض بالكاتب في مثل هذه الظروف أن يكون حكيما فيما يتداول في هذه المواقع، ولا يتخذها وسيلة للإكراه على اتباع طريق أعور لبلوغ ما يفترض أن يكون هدفا مشتركا, إلا بوجود عقلاء يعملون على اللقاء في منتصف الطريق.
وهنا سنتطرق إلى العقيدة التي نعني بها عقدَة الشيءَ إذا أحكمه ووثقه، ومن العزم والعهد والميثاق، حيث يدعي أصحاب هذه المواقع أنهم توصلوا إلى نوع من المنطق المستقل عن مبدأ الحوار بلغة الفكر، والحقيقة أن هذه المواقع تستخدم في إثبات مقولات لا تمت للحقيقة بصلة بل بالعكس يتفننون في السب والشتم والتحريض، بعيدا عن الاستقراء والقياس، وهكذا نرى أن هذه المواقع لا تنمي المعرفة بالطريقة المعرفية في التاريخ البشري والنشاط العقلي الاستدلالي، فالأخبار الكاذبة تنقل وتنشر وتنقد وتفسر وتبسط وتعمم ويدعى إليها.
عملية تأسيس وتسييس هذه المواقع لم تستفد من التقنية وتطورها في العمليات المتعلقة بالخبر بطبيعته العلمية الموضوعية ذات الصدقية, إذ تتسبب هذه الأخبار المضللة الكاذبة في التخلف العلمي، وتضليل الاستدلال الذي يضرّ بالمعرفة الإنسانية في سعيها الحثيث للبحث عن الحق والعدل والمساواة والخبر، سعيا إلى المكاسب النسبية الممكنة في الحراك السياسي، والفوز برضا هذه الفئة أو تلك.
وهنا أقول لو أن القائم على هذه المواقع المشبوهة التي قامت على نشر الخبر الكاذب والسب والشتم والتشكيك رجع إلى نفسه في لحظة من لحظات الحياة الاصطناعية المتسارعة التي نعيشها هذه الأيام، وفكر تفكيرا صافيا بعيد عن كل المؤثرات, وحاول أن يتعرف على حقيقة ما يحتاجه في مثل هذه الظروف, فإنه لن يجد خيرا من علم ومعرفة مأمونين واضحين صادقين ينظمان حياته، ويكبحان جماح الاندفاع في سيل السب والشتم الذي أصبح سمة يتصف بها البعض، وسيقدم تفسيرا واضحا ومقبولا للقضايا التي خلق الإنسان مفطورا على التفكير فيها والانشغال بتفصيلها, وسيقدم حلا لإشكالية الفرد والجماعة.
وأقول للقائمين على هذه المواقع المشبوهة إن تاريخ مملكة البحرين قصة التطور المجتمعي الذي لا يراه القائمون على هذه المواقع، وسجل الأحداث الأهم التي صنعها وعاشها المواطن على طريق التقدم والرقي. وإذ إن الأحداث والأشياء المحركة للتاريخ لا يصنعها سوى المفكرون والمبدعون، فالتاريخ قلما احتفل بغير الموهوبين وصناع هذا الحراك الديمقراطي. ولقد ساهمت هذه النقلة السياسية في توجيه حركة التاريخ من خلال خلق الجديد من الأشياء والأدوات، وأسس الحركات الاجتماعية والسياسية والمؤسسات الاقتصادية، وترك مساحة لإعلان أحاسيس ومشاعر الناس الخفية. وتعتبر الوسطية والقناعة من أعمدة الثقافة في البحرين التي نعتز بها، وندعو دوما إلى التمسك بها ونعمل بوعي ومن دون وعي على ترسيخها في الفكر والممارسة, فالمواطن ليس بحاجة إلى توجيه السب أو الشتم للنقد وليس بحاجة إلى الكذب لنشر الخبر.
أعزائي القائمين على هذا النوع من المواقع خير لكم أن تكونوا أفرادا في جماعة الأسود من أن تكونوا قوادا للنعاج. والشكر موصول لصمام الأمان على تشكيل لجنة حكومية لمراقبة كل ما يمس القيم والثوابت الوطنية.
إقرأ أيضا لـ "سلمان ناصر"العدد 2122 - الجمعة 27 يونيو 2008م الموافق 22 جمادى الآخرة 1429هـ