العدد 2122 - الجمعة 27 يونيو 2008م الموافق 22 جمادى الآخرة 1429هـ

مزاد بيع الخصوصيات!

قبل أيام قليلة مضت جاءت زميلة لي في العمل تخبرني عن برنامج اسمه THE moment of the truth «لحظة الحقيقة», وهو برنامج مسابقات يجعل المتسابقين يخضعون لجهاز كشف الكذب. يقوم المتسابقون بالإجابة على سلسلة من الأسئلة التي اعتقدت أنها «جريئة جدا» فيما هي تسبب الإحراج للمتسابقين أمام أسرهم, وربما أمام أزواجهم, إذ يقوم المتسابق بالإجابة بصدق على الأسئلة التي تطرح عليه مقابل مبلغ من المال. ويبث البرنامج وهو أميركي على قناة «إم بي سي 4» كل يوم سبت الساعة الواحدة والنصف ظهرا.

بعد كل الأمور «الجريئة» التي أخبرتني بها زميلتي التي زادت حب الفضول عندي لمتابعة البرنامج, جهزت حاستي السمع والبصر لدي لهذا اليوم المنشود... فعلا تابعت البرنامج من البداية للنهاية, وبصراحة ذهلت لقدرة البعض على أن يكونوا بهذه الصراحة في أمور خاصة وحميمة جدا ويصعب البوح بها حتى لأنفسنا أحيانا! من تلك الأسئلة التي طرحت: هل قمت بمحاولة غير مباشرة لإثارة إعجاب إحدى صديقات زوجتك؟ هل تعتقدين أنك يجب أن تكوني متزوجة برجل غير زوجك؟! هل سرقت يوما مالا من أهلك؟ هل تعتقد أن زوجتك هي سبب الخلافات الحاصلة بينها وبين والدتك؟ هل تحب النظر إلى نفسك عاريا؟! وغيرها «يا ساتر» من الأسئلة التي تحرج لسماعها, فما بالك بالإجابة عليها!

طبعا لا أدري ما الذي شدني جدا لهذا البرنامج؛ هل هو الفضول الفطري الموجود عند جميع البشر لمعرفة أسرار غيرهم وخصوصياتهم, أم هو التشويق الموجود في البرنامج بسبب ردات فعل الأهل والأصدقاء عند معرفة حقائق وأسرار موجودة في حياة الصديق أو الزوجة أو الأخ أو الابن أو الأم, وكانوا يعيشون مع هذه الحقائق يوميا من دون أن يعرفوا عنها شيئا؟

لا أعرف بالضبط ما الذي شدني جدا لهذا البرنامج الذي أخذت في متابعته يوما بعد يوم برفقة زوجي, ولكن ما أعرفه أنني أتساءل بعد كل حلقة الأسئلة نفسها: ترى هل يستحق المال الذي يكسبه المتسابق كل ما يخسره مقابله من خصوصيات تُعرض أمام الناس, ومشاعر تُجرح من قول حقائق كانت مخفية, وعلاقات ربما تتدمر إلى الأبد؟!

وسؤال آخر: في النسخة العربية القادمة من هذا البرنامج, هل سيتقدم أي شاب عربي أو فتاة عربية على الاشتراك؟! هل هناك من يستطيع فعلا في مجتمعنا العربي أن يعترف بكل مشاعره وخيباته وآلامه وأخطائه وأسراره أمام كل عائلته وأصدقائه ومجتمعه الشرقي, وأمام الجميع؟!

وأخيرا أستطيع القول إنني متأكدة جدا بأنني لا يمكن أن أجلس على هكذا كرسي, ليس لأنني لا أعترف بأخطائي, ولكن لأنه ليس لديّ أسرار أخفيها عن زوجي, بل بالعكس فأنا صريحة جدا في مدونتي وشفافة في كتابتي, وليس كل ما ينجح في بلاد الغرب يمكن أن ينجح في بلداننا, فنحن شعوب مختلفة في العادات والتقاليد.

العدد 2122 - الجمعة 27 يونيو 2008م الموافق 22 جمادى الآخرة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً