التقرير الذي نشرته «الوسط» قبل أيام عن التعيينات وفق المحاصصة الطائفية في قبة البرلمان التي من المفترض أن تمثل مرجعية الشعب في حل قضاياه وهمومه، تظهر بجلاء كيف أن بعض من أوكلنا إليهم حماية حقوقنا ينتهكون بشكل صارخ أهم بنود الدستور، بل وأهم أساسيات الإنسانية، فالدستور ينص صراحة على تكافؤ الفرص وعدم التمييز بين المواطنين، فهم أمام القانون لا يفرقهم لا عرق ولا لون ولا مذهب، كما يشجب العرف الإنساني جميع أنواع التمييز الذي سمت وترفعت عنه الكثير من الشعوب.
الجميع يعرف أن النفس يطغي بشكل كبير في عدد من المؤسسات الحكومية، ولو أردت لسميتها بالاسم، وخصوصا ضد طائفة معينة، ويكفي عزيزي القارئ أن تقوم بجولة بسيطة في القرى وتسأل قاطنيها عن مكان عملهم وستدهش لذلك، فالمهن الفنية المتعبة التي لا ينزل لها رفاقنا، يقوم بها من لا يملكون واسطة ترحمهم ولا طائفي يرفعهم، كما سترى في هذه القرى من يعمل في شركة مقاولات ومن يعمل في الحرف البسيطة، ولكنها طبعا كبيرة في هذه الحياة، وهذا ما لا يفهمه قصار النظر في المؤسسات الطائفية.
يعتقدون أن حصولهم على وظائف لا حق لهم فيها أو حصلوا عليها من دون أن يكون لهم منافس كفء، سيجلعهم أعلى مرتبة وأهم شأنا في المجتمع وسيتمتعون بخيراتها بلا تعب ولا دراسة ولا هم، والحقيقة هم لا يعلمون، أو ربما يعلمون، أن الكثير من الوظائف في الحكومة لا تحظى باحترام الكثيرين وخصوصا في القطاع الخاص، وبالأخص في بعض المهن والتخصصات.
إن استئثار طائفة بالوظائف في البرلمان (مجلس الشعب) بين قوسين، يمثل شكلا صارخا لسوء توزيع الثروة في البلاد - عفوا إنى لا أبالغ - كما يجعل شريحة من الشعب تتمتع بخيرات الوطن بينما تقع شريحة أخرى في الفقر والعوز، وهذا يظهر من حسبة رياضية بسيطة.
أيها السادة النواب يا من تمثلون الشعب المسلم، لا نريد أن نفقهكم في دينكم فأنتم مسئولون عن ذلك، ولكن هل لنا أن نذكركم بقوله جل جلاله في محكم كتابه الكريم «وما من دابة في الأرض إلا وعلى الله رزقها» صدق الله العلي العظيم.
لا مجلس النواب ولا الحكومة ولا أية قوة في الأرض تستطيع سلب الإنسان حقه في الحياة، حتى ولو ميّزته في المعاملة ولم يمنح حقه في تكافؤ الفرص وفرص التوظيف في القطاع العام، فهو لن يموت جوعا وسيعيش، فالله يرزقه، وإن مات جوعا فإن الله سيحاسبكم، واعلموا أن لا أحد يموت في هذا الوطن لكن هناك مَنْ يتألمون بسبب الفقر بسبب ممارسات مسئولين، فلتوظفوا مَنْ توظفون من أهلكم ومن المحسوبين عليكم، لكن تذكروا أن هناك صاحب حق ظلمتم حقه والله يرزقهم من غير حساب.
إقرأ أيضا لـ "علي الفردان"العدد 2117 - الأحد 22 يونيو 2008م الموافق 17 جمادى الآخرة 1429هـ