بات في حكم المؤكد أن البحرين بحاجة إلى الرجوع لمجلس التعاون لدول الخليج والجامعة العربية للمساعدة في حل الإشكالات التي تدور بين نوابنا الأشاوس، وستقرر الجامعة العربية حينها تشكيل لجنة عربية مع الاعتقاد الجازم بأن اللجنة ستميل بطبيعة الحال إلى تكتل واحد نظرا لسياسة تداخل مصالح القوى الإقليمية وخاصة الدينية منها. وستفشل اللجنة في تحقيق أهدافها وفرض رؤاها وتصوراتها لفض المهاترات النيابية، وستلجأ اللجنة إلى الدولة العربية الوحيدة الجريئة التي لا تملك برلمانا منتخبا لكي تعطي الحل الناجع لتجاوز المشكلات البرلمانية، معتمدين على مبدأ أن الغالب هو الدولة والمغلوب الفتنة الداخلية.
لقد بدأ المشهد البرلماني في دولة المؤسسات الدستورية يأخذ منحنى يميل إلى الأسفل وخاصة بعد انتهاء الدور الثاني من الانعقاد حيث التسقيط والاستهزاء بالمقدرات والتهجم على الآخرين أشخاصا ودولا، والاتجاه نحو الطائفية البغيضة التي بدأت تنخر في عقول وتفكير بعض الأعضاء والاتهامات المتبادلة بين من يسمون أنفسهم مستقلين أو أعضاء كتل نيابية إسلامية أو ذات توجهات ليبرالية، ولا نعلم ما سيكون عليه المشهد في الدورين التاليين.
لقد صدم شعب البحرين - إلا فئة بسيطة تتعيش على هذه الفرقعات - بالمشاهد المنبوذة التي لم يتعود عليها في ماضيه وحاضره ومستقبله، صدم ممن يدعي تمثيله وهو- أي هذا النائب - الذي يحارب الشعب بإشعال الفتن وتفريق العائلة الواحدة، أي تمثيل هذا لفئة شعبية الذي يخول العضو البرلماني بالتهجم على من يخالف رؤاه وتوجهاته وعقيدته، هل ثقافته التي تتلمذ عليها في أحضان الدعاة الذين ما فتئوا يحاربون من يختلف معهم بالتكفير تارة والخروج عن الدين تارة أخرى، أم هو تظاهر بالبطولة بالادعاء بإحقاق الحق الذي لا يبرع فيه إلا هذا النائب الفذ. هل يوجد عاقل برلماني يوزع الاتهامات يمنة ويسرة للأعضاء الآخرين الجالسين بجانبه على الكرسي، مفتعلا الخناقات باستخدام لغة دونية هي أقل ما يعبر عنها أنها لغة أصحاب الشوارع الذين لم يتعلموا لغة الحوار الهادف. ما يقوم به هؤلاء النواب بات معروفا لدى جملة من شعب البحرين الواعي حيث اتضحت معالمهم ونواياهم، فهم أصحاب أهداف مشؤومة تريد النيل من سمعة البحرين وشعبها وتجربتها الديمقراطية، مستغلين الحصانة البرلمانية والدعم الخفي من جهات داخلية وخارجية مشبوهة تحاول إلهاء الشعب عن مطالبه وتطلعاته.
لم يحصل شعب البحرين من هؤلاء إلا على التافه من الاقتراحات بقوانين والرغبات التي لا تخدم إلا فئة على شاكلتهم كتطويل اللحى وتقصير الثياب بينما قلوبهم كالحجارة أو أشد.
الحالة التي تمر بها البلاد في الوقت الراهن تحتاج إلى وقفة جماعية من الغيورين سواء من القيادة السياسية أو المخلصين من الحكماء المشهود لهم بالنزاهة وتغليب المصلحة الوطنية. كما أن النواب مطالبون بالتركيز على احتياجات الشعب والابتعاد عن التهجم والنيل من سمعة الآخرين أيا يكن موقعهم وانتماؤهم ومكانتهم الاجتماعية، فالظروف التي تمر بها المنطقة من تكالب واضح من بعض القوى تهدف إلى تفكيك المجتمعات الإسلامية لتكون المهمة سهلة في الحصول على الامتيازات التي لا تتوقعها في حالة التئام الوحدة الوطنية.
لسنا نحن من يستطيع أن يعطي الدروس والتوجيهات لهؤلاء النواب المفلسين، ولكن هذا هو حال كل بحريني أصيل عاش على هذه الأرض الطيبة متربيا على التسامح والطيبة والأخلاق الكريمة المستمدة من الشريعة ومن عاداتنا وتقاليدنا العربية المبنية على احترام الآخر. سيأتي اليوم القريب الذي تنطلق فيه الحناجر البحرينية مدوية لتسكت تخرصات الساعين ومن يقف وراءهم في نشر الفرقة بين أبناء الشعب الواحد، ولن يخيف الشعب حينها الرعيد والوعيد الذي ينطلق من تلك الأفواه.
إقرأ أيضا لـ "حسين خميس"العدد 2115 - الجمعة 20 يونيو 2008م الموافق 15 جمادى الآخرة 1429هـ