العدد 211 - الجمعة 04 أبريل 2003م الموافق 01 صفر 1424هـ

حرس الخراب المقبل

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

آخر قائم بأعمال السفارة الأميركية في بغداد، جوزيف ويلسون، أشار في أحد اللقاءات الصحافية التي أجريت معه أخيرا إلى انه «من الخطأ اعتبار كره العراقيين لنظام صدام حسين، وكأنه تأييد لنا ولبريطانيا، فنحن الذين فرضنا عليهم عقوبات قاسية وظالمة جدا لسنوات طويلة أدت إلى موت مئات الآلاف من الأطفال والنساء والرجال، ودمرت مقدرات العراق».

قد لا تبدو المقدمة مناسبة حين يتعلق الأمر بأوضاع المعارضة العراقية المتأمركة التي ذهبت بعيدا وبشكل يبعث على القرف، في تعاملها وتعاونها مع الاستخبارات الأميركية إلى الحد الذي دفع مفكرا كبيرا كإدوارد سعيد إلى وصفها بـ «حرس الخراب المقبل»... وهو حرس لن تكون له سطوة المراقبة والسهر على الاستراتيجية بكل أبعادها في مرحلة ما بعد صدام حسين بقدر ما انها ستتحول الى أقل من واجهة... وواجهة هشة ومفضوحة في الداخل بعدما فضحت وتكشفت عللها وأمراضها في الخارج.

إشارة ويلسون... تستدعي إثارة التساؤل الآتي: ما مصير المعارضة العراقية التي ذهبت بعيدا وبثقة في تبني المخطط الأميركي على العراق... ما مصيرها في الداخل العراقي في حال سقوط النظام... وتورط الوجود الأميركي في مواجهات وحروب عصابات لن يدخر الشعب العراقي جهدا في سبيل قيامها وتعميمها في المدن والمحافظات العراقية؟.

الإجابة على التساؤل ذاك يستدرجنا للعودة إلى الأطروحات التي قدمها المفكر السياسي والخبير الاستراتيجي عبدالله النفيسي فيما يتعلق بوضعية الكويت في حال استتبت الأمور لأميركا في العراق... ومن أنها لن تكون ذات شأن، إذ لن يكون جليا وواضحا لها سوى الظهْر الأميركي الذي سيقبل على العراق وعينه على الدول المجاورة له.

إذا كان ذلك هو ما سيؤول اليه وضع الكويت... فكيف هو الحال مع معارضة تعلم أميركا أنها لن تكون مقبولة في الداخل العراقي... الأمر الذي يستبعد معه تماما قيام أميركا بإدخالها والمشاركة معها في إدارة الكوارث التي ستنجم عن الاحتلال... إذ لا محتل يمكنه أن يعد بجنة للخاضعين تحت سطوته. أميركا ستنفرد بإدارة تلك الكوارث... فيما المعارضة ستتحول إلى هدف لن يتم توفيره من قبل المقاومة العراقية.

لم ينس الشعب العراقي في الداخل أن جزءا من أزمته وكوارثه الداخلية مع النظام العراقي، وتضييق الخناق عليه من خلال الحصار الجائر تتحمل جزءا منه المعارضة المتأمركة... بمجاراتها الوقحة للمخطط الأميركي. ولا شك أن المعارضة إياها بدأت تستشعر الخطر المقبل... بتخفيف جرعة تبعيتها لقوات الغزو... وخصوصا مع تكرار حال من الإرباك في صفوف قوى التحالف... ما دفع جيمس ويب في مقالة له إلى التعليق على استدراج الغطرسة والغرور الأميركي نحو حقل لن ينبت ويثمر سوى مزيد من المقابر ومزيد من التوابيت... التعليق يقول: «مرحبا بكم في الجحيم، فالكثيرون منا عاشوه في فترة زمنية أخرى، ولا تتوقعوا بأن تتحسن الأوضاع لزمن طويل»

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 211 - الجمعة 04 أبريل 2003م الموافق 01 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً